رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
أَنَّه يُورِثُ الفِراسَةَ الصَّادِقَةَ التِي يُمَيَّزُ بِها بَينَ المُحِقِّ والمُبطِلِ ، والصَّادِقِ والكاذِبِ ،
وَكانَ شُجاعٌ الكِرمَانيُّ يَقُولُ : " مَن عَمَّرَ ظَاهِرَه بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَبَاطِنَه بِدَوَامِ المُرَاقَبَةِ ،
وَغَضَّ بَصَرَه عَنِ المَحَارِِمِ ، وَكفَّ نَفسَه عَنِ الشَّهَوَاتِ ،
وَاعتَادَ أَكلَ الحَلالِ : لَم تُخطئ لَهُ فِرَاسَةٌ " .
وَكَانَ شُجَاعٌ هذا لا تُخطِئُ لَه فِرَاسَةٌ ، وَاللهُ - سُبحانَه - يَجزِي
العَبدَ عَلى عَمَلِه بِمَا هُو مِن جِنسِ عَمَلِه ،
وَ (مَن تَرَكَ شَيئاً للهِ عَوَّضَه اللهُ خَيرَاً مِنهُ ).
فَإذَا غَضَّ بَصَرَه عَن مَحارِمِ اللهِ عَوَّضَه اللهُ بأن يُطلِقَ نُورَ بَصيرَتِه
عوضَاً عَن حبسِهِ بَصَرَه للهِ ، وَيفتَحُ له بَابَ العِلمِ وَالإيمانِ وَالمَعرِفَةِ
وَالفِرَاسَةِ الصَّادِقَةِ المُصِيبَةِ ، التي إنَّمَا تُنالُ بِبَصِيرةِ القَلبِ ، وَضِدُّ
هذَا مَا وَصَفَ اللهُ بِه اللُّوطِيَّةَ مِنَ العَمَهِ الذِي هُوَ ضِدُّ البَصِيرَةِ ،
فَقَالَ تَعَالَى : (لَعَمرُكَ إِنَّهم لَفِي سَكرَتِهِم يَعمَهُون ) .
فَوَصَفَهم بِالسَّكرَةِ ، التِي هِيَ فَسَادُ العَقلِ ، وَالعَمَهِ الذِي هُوَ فَسَادُ البَصَرِ ،
فَالتَّعَلُّقُ بِالصُّوَرِ يُوجِبُ فَسَادَ العَقلِ ، وَعَمَهُ البَصِيرةِ يُسكِرُ القَلبَ ،
كَمَا قَالَ القَائلُ :
سَكران سُكرَ هَوىً وَسُكرَ مَدامَةٍ * وَمَتَى إِفَاقَةُ مَن بِه سُكران
وَقَالَ الآخَرُ :
قَالُوا جُنِنتَ بِمَن تَهوَى فَقُلتُ لَهم * العِشقُ أَعظَمُ مِما بِالمَجَانِين
العِشقُ لا يَستَفِيقُ الدَّهرَ صَاحِبُه * وَإِنََّما يُصرَعُ المَجنونُ فِي الحِينِ
|