رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
من فوائد الإمام ابن قيم الجوزية رحمة الله عليه :
لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس ، إلا كما يجتمع الماء والنار والضبُّ والحوت .
فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبِل على الطمع أولاً فاذبحه بسكين اليأس ، وأقبِل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عُشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح ؛ سهل عليك الإخلاص .
فإذا قلت وما الذي يُسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح .
قلت : أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمُك يقيناً أنه ليس من شيء يُطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنه ، لا يملكها غيره ، ولا يؤتى العبد منها شيئا سواه .
وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمُك أنه ليس أحدٌ ينفع مدحه ويزين ويضر ذمه ويشين إلا الله وحده ، كما قال ذلك الأعرابيّ للنبي صلى الله عليه وسلم : إن مدحي زين وذمي شين . فقال : (( ذلك الله عز وجل )) .
فازهد في مدح من لا يزينك مدحه وفي ذم من لا يشينك ذمه ، وارغب في مدح من كلُّ الزين في مدحه وكل الشين في ذمه .
ولن تقدر على ذلك إلى بالصبر واليقين ؛ فمتى فقد الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب .
قال تعالى : (( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ )) سورة الروم الآية (60) .
وقال تعالى : (( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )) السجدة الآية
(24)
|