بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 347
|
تاريخ التسجيل : Oct 2009
|
أخر زيارة : 05-23-2013 (12:26 AM)
|
المشاركات :
241 [
+
] |
التقييم : 1094
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
كبرت كلمة تخرج من أفواههم!!.
كبرت كلمة تخرج من أفواههم!!. كثيرة هي الكلمات التي يصدق فيها قول الإمام علي كرم الله وجهه كلمة حق يراد بها باطل، ولقد سمعت مؤخرا كلمة ترددها فئة من الناس لكل مخالف، الغاية منها قمع المخالفين وإرهابهم، فلا يرتفع صوت غير صوتهم، وهذه الفئة من فرق الشيعة من إتباع زيد بن علي رضي الله عنه، لم أسمعها منهم ضد أهل السنة من قبل!، وسمعتهم الآن يرددونها ضد أهل السنة وضد مخالفيهم من إتباع مذهبهم، هذه الكلمة هي تهمة النصب وإلصاق سمة النواصب بالمخالفين.
وقد بحثت عن معنى هذه الكلمة في المعاجم، فوجدت ابن منظور في لسان العرب يعرف أصحاب النصب فقال: والنواصب قوم يتدينون ببغضة علي عليه السلام، ولقد بحثت في عموم فرق أهل السنة على اختلاف مذاهبهم، فلم أجد منهم من يرى في معاداة علي وبغضه مرضاةً لله!!، حتى معاوية بن أبي سفيان!، وعامة بني أمية يعرفون للإمام علي فضله!، برغم ما اجترحوا من سبه على المنابر, فعل أنكره صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين، ولم أجد في كتب التاريخ من يتقرب إلى الله بحرب أبي السبطين ابن عم رسول الله إلا الخوارج، وهم أهل ضلال وجهل بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، كفَّروا رجلاً أثنى الله ورسوله عليه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، رجل أعرف منهم بكتاب الله، أعراب جفاة غلاظ الأكباد عمي القلوب والأبصار، وحدهم الخوارج من كانوا يتقربون إلى الله بحرب الإمام علي، وإطلاق صفة النواصب على أهل السنة، ضلال وكذب وافتراء، وليس هو الضلال الوحيد لأدعياء التشيع، فللشيعة ضلالات وافتراءات يقشعر لها البدن، ويندى لها الجبين، والزيدية بريئة من ترهاتهم, ولم يكن بيننا وبين الزيدية خلاف, ما بال هذه الفرقة؟!!, والذي أود الإشارة إليه، كرد على افتراءات الشيعة، أن أهل السنة دون استثناء، يحبون أبا تراب، ليس إدعاءاً وتظاهراً لأسباب دنيوية، سياسية أو مادية أو غير ذلك، بل لفضله وسابقته وجهاده وعلمه، ولأن الله جل جلاله قال فيه وفي أبي بكر وعمر وعثمان، وجميع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود" سورة الفتح, ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب عليا فقد أحبني, ومن أحبني فقد أحب الله, ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله», أما الذين نصبوا الحرب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، رغبة في الثواب فهم الخوارج، وقد كانوا على ضلال بعيد، وللتَّعْرِيف بالخوارج لا بد من إلمامة يسيرة بمعركة صفين وما جرى فيها من أحداث.
معركة صفين كانت بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من جهة، ومعاوية وعصبته من بني أمية، كانت حجة الإمام علي في حربه ضد معاوية أنه الخليفة المنتخب، ومعاوية خارج عليه، وأنه يحارب لتبقى الخلافة، ولا يتحول أمر المسلمين إلى ملك وجبرية، إذا دانت لمعاوية, وكان معاوية قد استعوى أهل الشام وأوهمهم أن علياً هو من قتل عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وأنه يطالب بدم خليفة المسلمين، واستطاع معاوية بالترغيب والترهيب وقلب الحقائق، أن يستحوذ على قلوب أهل الشام، وكان بعض بني أمية ممن كانوا مع معاوية، كمروان بن الحكم, يعتقدون الخلافة ملكاً وهبه الله بني أمية على يد عثمان بن عفان رضي الله عنه، والخارجين على عثمان إنما ينازعونهم ملكهم, تجد مثل هذا القول لمروان في تاريخ الطبري، إبان حصار عثمان بن عفان رضي الله عنه, أعود إلى معركة صفين والتحكيم فأقول: لما حاقت الهزيمة بجند الشام، أشار عمرو بن العاص على معاوية برفع المصاحف، تعبيراً عن الرغبة في تحكيم كتاب الله في خلاف معاوية وعلي، وحذر علي جيشه من الاغترار برفع المصاحف، وأخبرهم أنها خدعة يدفع بها أهل الشام الهزيمة، فلم يسمعوا له قولاً، بل طلبوا منه أن يوقف القتال، ويوقف قائده الأشتر النخعي، الذي كان يشن هجوماً لاحت بوادر النصر فيه، وبلغ بهم الحمق أن هددوا عليا بالقتل إن لم يفعل، لقد كان معاوية يقود جيشاً من الرعاع المطيعين، وابن أبي طالب يقود جيشاً أضلهم العُجْب, كل منهم يظن نفسه أفقه الأمة, وأغيرهم على دين الله!!، فلما نزل الإمام علي على حكمهم مضطراً، وقبل تحكيم الحكمين، واحد عنه، وآخر عن معاوية، اختار معاوية عمرو بن العاص فلم يختلف عليه اثنان من أهل الشام، واختار الذين صاروا فيما بعد خوارج أبا موسى الأشعري، لم يراعوا أن لهم أميراً, فقال لهم الإمام علي كرم الله وجهه: فإنكم قد عصيتموني في أول الأمر فلا تعصوني الآن، إني لا أرى أن أولي أبا موسى، فقالوا لا نرضى إلا به، فقال الإمام علي كرم الله وجهه: فإنه ليس لي بثقة!, قد فارقني وخذَّل الناس عني, وهرب مني حتى أمنته بعد أشهر، ولكن هذا ابن عباس نوليه ذلك، قالوا: ما نبالي أنت كنت أم ابن عباس، لا نريد إلا رجلاً هو منك ومن معاوية سواء!!، ليس إلى واحد منكما بأدنى منه إلى الآخر، أنظر أيها القارئ كأنهم منتدبون من معاوية!, فقال علي كرم الله وجهه: فإني أجعل الأشتر، فقالوا: وهل نحن إلا في حكم الأشتر، قال علي وما حكمه؟, قالوا أن يضرب بعضنا بعضاً، قال علي: فقد أبيتم إلا أبا موسى؟!, قالوا: نعم، قال: فاصنعوا ما شئتم، أقول: حسب ابن أبي طالب ضيما أن يقود جيشاً فيه رؤوس من أمثال هؤلاء!!.....
لقد كان معاوية في جيش من الحمقي المطيعين، وابن أبي طالب في جيش من الخرقي المتعالمين، الآن لهم ابن عفان رضي الله عنه جانبه، فاتخذوا الأمر بالمعروف وسيلة لاكتساب مكانة اجتماعية, ولم يزالوا كذلك حتى صدقوا أنفسهم وظنوا أنهم أعلم الناس بكتاب الله، وأعلم من أبي بكر وعمر وعثمان، غرتهم معرفتهم ظواهر الآيات, كدأب خوارج هذا الزمن!!, فخرجوا على عثمان رضي الله عنه وقتلوه!!، وهاهم يريدون أن يسيِّروا ابن أبي طالب على هواهم، لا أن يطيعوه كما أمر الله ويسمعوا له!!، لقد بُلِيَ علي رضوان الله عليه، بأعاريب بكر وتميم، وذؤبان مراد وصئبان أسد، ممن أفسد عقولهم عبد الله بن سبأ، وظنوا أنهم على شيء!!، فلما نزل الإمام علي مكرها على حكمهم!، جاءه زُرْعة بن برج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فدخلا عليه، فقالا له: لا حكم إلا لله، فقال علي كرم الله وجهه: لا حكم إلا لله!، فقال له حرقوص: تب من خطيئتك!, وارجع عن قضيتك!, واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا!!، فرد عليه ردا بليغا لن أطيل هذا المقال بذكره، وقد كذبوا لو أطاعهم ما خرجوا ولا قاتلوا، ولتمنوا غير الخروج، والتمسوا ذريعة تجنبهم الحرب، قوم ضلال وكبر!, يرون أنفسهم أعلم بكتاب الله وسنة نبيه!!، من رجل نشأ في بيت النبوة والوحي!!!، وحرقوص هذا من بني سعد، أعرابي جلف، يريد أن يصحح لابن أبي طالب فقهه وفهمه لكتاب الله وسنة نبيه، وما علم أن علياً رضوان عليه، كان يستفتيه أبو بكر وعمر فيما أشكل عليهما من أمر دينهما، فلما أبى الإمام علي نقض عهد إجراء التحكيم الذي أُبرم بينه وبين معاوية، وأخبر علي حرقوص أن ذلك غير جائز لقوله تعالى: (وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون), فقال زرعة بن البرج: يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله عز وجل قاتلتك أبتغي بذلك وجه الله ورضوانه!!، أولئك هم النواصب لا أهل السنة, كما يدعي الشيعة، وليس الشيعة بأهدى من الخوارج، ولا الخوارج بأهدى من الشيعة، فقول الخوارج: لا حكم إلا لله!!, خدعة وضلال, لا يمكن تطبيقه في الواقع، إذ ليس للقرآن يد تبطش ولا عصا تضرب!!، إنما أنزله الله ليحكم به عباده، لا أن يحكم بنفسه، والله قد قال في كتابه في الحرب بين المسلمين والمشركين: (فإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله )، فكيف بجنوح المسلم للسلم في حرب الإخوة؟!!، وقال تعالى لرسوله: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما), إن الله جل وعلا أنزل كتابه على عبد من عباده، وأمره أن يحكم به بين الناس، وأمر المسلمين أن يحكموا بما شرع، فالله المشرع والعبد المنفذ!، ما جعل الله لكتابه يداً ولا لساناً!!، والحكمان منفذان لا مشرعان، فكيف لا يريد الخوارج أن يَحْكم في قضية هي أهم قضايا المسلمين رجال؟!!، أجماداً يريدون؟!! أم غير ذلك؟!!، ما أضل الخوارج!.... أو ماأخبثهم وأكذبهم!، لو أنهم صُبُرٌ عند اللقاء لثبتوا مع الأشتر!، ولَمَا أكرهوا علياً على التحكيم ابتداءً!!، لهم في كل ساعة رأى مختلف، هم فيه إلى الكفر أقرب منهم إلى الإيمان.
أما الذين يقولون عنا نواصب، ويتهمون أهل السنة بمعاداة أهل البيت!!, فقد كذبوا وضلوا، ما يقولون ذلك إلا ستراً لضلالاتهم!، ونحن نتبع فيهم فقه الإمام علي رضي الله عنه!!، ويتبعون فينا فقه عبد الله بن سبأ "ابن السوداء"!!، فقد أحرق الأمام ثلاثة منهم، لأنهم ادعوا له الألوهيه، وأول من قال إن أهل البيت وقع عليهم ظلم في أمر الخلافة، وأنهم أحق بها, عبد الله بن سبأ ابن السوداء، مكيدة لتفريق الأمة، وقد كان له ما أراد، والرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أمته فقال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي!، أنصدق فيهم فرية ابن سبأ التي لا سند لها في التاريخ!!, لقد ولي أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي شاهد ما قال ظلمت، وفي فقه أهل السنة للخلفاء الراشدين ألف وأربعمائة وثلاثة عشر حديثاً، منها خمسمائة وستة وثمانون حديثاً لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه!، ولو أن أبا بكر وعمر نصبا الحرب لأهل البيت, ما قبل بذلك صحابة رسول الله رضوان الله عليهم، أكل صحابة رسول الله نصبوا الحرب لأهل البيت؟!, هل كذب القرآن في وصفهم أنهم رحماء بينهم؟!!, معاذ الله!!!, ولو صدقنا هذه الأكذوبة لأسقطنا من فقهنا ثمانمائة وسبعة وعشرين حديثاً، منسوبة لأبي بكر وعمر وعثمان!!، ولكننا نعلم كما علم صحابة رسول الله، أن الألفة والمحبة والإجلال كانت تسود علاقة علي بن أبي طالب بالثلاثة الذين سبقوه، منهم من جعله مستشاره ومنهم من ولاه القضاء، ولكن دعونا نتساءل من هم أهل البيت؟, وهل فرض الله على المسلمين محبتهم؟, وأنا هنا أتناول تفسير آية بعينها, ولا أتعرض للأحاديث الواردة في محبة أهل البيت.
في خبر المباهلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً إلى ساحة من سوح المدينة، وانتظر نصارى نجران، وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي, "علي وفاطمة وحسن وحسين"، هذا والعباس عمه وأبناؤه على قيد الحياة، وكذلك أبناء جعفر بن أبي طالب، وغيرهم جميعهم كانوا على قيد الحياة، هؤلاء الأربعة هم أهل البيت، وهم من نصلي عليهم في اليوم خمس مرات، حق لهم لا يندرج على ذريتهم من بعدهم، قد علم الله كيف يحيون وماذا يعملون، وعلى ماذا يموتون، فأعطاهم هذا الحق، والأصل أن القرابة للرسل لا تغنى عن صاحبها من الله شيئاً، وابن نوح خير دليل على ذلك، إنما العبرة بالتقوى والعمل, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة بنت محمد، لا يأتيني الناس بأعمالهم يوم القيامة وتأتوني بقرابتكم من رسول الله), أو نحو هذا، بقي أن نتساءل، هل فرض الله على المسلمين حب قرابة آل محمد صلى الله عليه وسلم أو حثهم على ذلك؟!، في قوله تعالى: (إلا المودة في القربى)، وأجيب بلا!، وقد التبس هذا الأمر على أهل السنة، ورفعه الشيعة شعاراً، يلبسون به على الناس، فالآية بعيدة كل البعد عن هذا المعنى، هم يستدلون بقوله تعالى في سورة الشورى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى), والآية بتمامها هي: (ذلك الذي يبشر الله به عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً إن الله غفور رحيم).
في تفسير فتح القدير للشوكاني عن سورة الشورى، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وعن ابن الزبير أنها نزلت بمكة، وقال روي عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا أربع آيات مدنية، منها: (قل لا أسألكم عليه أجراً), ولم يبين الشوكاني، هل الأربع آيات التي قبل هذه الآية أم التي بعدها؟!!, ولم يذكر أسماء الرواة، وفي تفسير ابن كثير طبعة دار المفيد بيروت 1403هـ - 1983م، لا يذكر في مقدمة تفسير السورة مكان نزولها, حسب المتعارف عليه في كتب التفسير!، ولكنه ذكر أن آية: (قل لا أسألكم عليه أجراً) مكية، وذلك حين بلغها, وحتى نعرف معنى قوله تعالى: (إلا المودة في القربى), لا بد من بعض الأسئلة، أولها هل يناقض القرآن نفسه؟؟، ونجيب معاذ الله!!.
السؤال الثاني: من المخاطبون في قوله تعالى: (لا أسألكم عليه أجراً), المشركون أم المسلمون؟؟.
أما السؤال الأول فجوابه: أن الله جل جلاله أمر رسوله أن يقول للمعنيين، إن حرصه على بلاغهم بدين الله، لا لأجر مادي أو غير مادي يطلبه منهم!!، وفي ذلك نفي لطلب مودة قرابته، نظير تبليغه رسالة ربه، إذ لو طلب ذلك منهم، لكان طلبه أجراً, والقرآن لا يناقض نفسه, وقد نفى سؤال الأجر، وهذا ما يوقع التناقض في الآية، فإما أن يكون عدم سؤال الأجر حاسماً باتاً، وهو الموافق لمراد الآية، وإما أن يكون مستثنى منه, طلب مودة قرابة رسول صلى الله عليه وسلم، ومن قال بهذا فإنه يشك في إخلاص وتجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغه لرسالة ربه، ويفتح الباب لأعداء الإسلام من اليهود والنصارى ليقولوا إن نبيكم جاء بأمر ادعاه، ليكسب قرابته مكانة اجتماعية وملكا، ولم يكن مبلغا عن ربه، وإن لم يكن طلب الدنيا لنفسه فقد طلبها لقرابته، ولو أخذنا بقول من فهم أن المراد من هذه الآية أنه يجب على الأمة حب قرابة رسول الله، لدخل في هذه المودة أبو لهب ومن كان على شاكلته، لأنه عم رسول الله، والآية نزلت بمكة, في حياته وزمنه, وقبل أن أبين رأيي في مراد الآية، وعلى أي وجه تفسر، أود أن أقول إن جميع الروايات التي تشير إلى أن المراد محبة قرابة رسول الله، روايات ضعيفة، في رواتها مجاهيل وأصحاب تشيع مبالغ فيه، ومن الناس من بالغ في ذلك كالسيوطي رحمه الله، حيث قال إن المراد بالقربى علي وفاطمة وحسن وحسين، وروى في ذلك حديثاً ضعيفاً جداً, مع أن هذه الآية نزلت قبل أن يتزوج علي بفاطمة، ناهيك عن وجود الحسن والحسين، كما أن القربى أعم وأشمل من الأهل, والمذكورين هم أهل بيت رسول الله, وهذا يؤكد عدم صواب هذا الرأي.
نأتي إلى جواب السؤال الثاني: من هم المخاطبون بهذه الآية المشركون أم المؤمنون؟، وحتى نذكر المعني بالخطاب، يجب أن نسأل: هل الخطاب موجه لمُقِر أم لمُنكر؟، وأقصد بالمُقِر من يعرف لماذا الرسول صلى الله عليه وسلم حريص على إبلاغ رسالة ربه، وأقصد بالمنكر ذلك الذي يستغرب حرص رسول الله على البلاغ، ويمكن القول إن المؤمنين يعلمون يقينا لماذا الرسول صلى الله عليه وسلم حريص على هدايتهم، وعلى هداية جميع الناس، لذا فالآية تخاطب المشركين الذين يعجبون من حرصه صلى الله عليه وسلم, على دعوتهم للإيمان، وجاءهم الجواب: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى), وهنا نقترب من المراد بقوله تعالى: (إلا المودة في القربى), وتحوي هذه الآية أداة استثناء "إلا" ومستثنى "المودة في القربى", والذين فسروا هذه الآية على أن المودة في القربى مستثناة من سؤال الأجر، وكأن معنى الآية أنا أبلغكم هذا الدين، ولا أريد منكم أجراً على ذلك، سوى أجر يسير هو أن تحبوا قرابتي، وعلى هذا الوجه يكون طلب- المودة في القربى- أجراً، وهنا يكون التناقض, فالأصل قل لا أسألكم عليه أجراً، لقد أنكر ابن عباس أن يكون معنى الآية سؤال الرسول قريشاً أن يحبوا قرابته، جزاء ما بلّغ، فقد روى الإمام البخاري, قال: حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت طاوساً يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سئل عن قوله تعالى: (إلا المودة في القربى), فقال سعيد بن جبير: قربي آل محمد، فقال ابن عباس: عجلت, إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة!، ثم فسر "طاوس عن ابن عباس"- المودة في القربى- فقال إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من قرابة، وبهذا المعنى أخذ ابن كثير, فقال في شرح الآية: "وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني وتذروني أبلغ رسالات ربي، إن لم تنصروني فلا تؤذوني لما بيني وبينكم من القرابة"، ولي على قول ابن كثير هذا ملاحظة، ذلك أن الآية على قوله هذا تطلب من كفار قريش أن يذروا الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغ غيرهم، مع أن منطوق الآية يتحدث عن تبليغه إياهم, فهو لا يسألهم أجراً على تبليغه إياهم!، أما أن يبلغ غيرهم فلم نسمع بمعارضة قريش لمثل ذلك، ودعوته كانت في مكة، لذا أحسب أن للآية تفسيراً آخر، قريباً أو بعيداً من قول ابن كثير، ورغم جلال ابن كثير، لا أظن ذلك يعطي أقواله قدسيه القرآن، لذلك أقول وأستغفر الله من الخطأ والزلل غير المراد، إن معنى قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى), أي إن حرصي على إبلاغكم وهدايتكم، ليس لأني أريد أجراً على هذه الهداية، بل لأنكم قرابتي، والإنسان مفطور على مودة قرابته، وهذه الفطرة ما جعلني شديد الإشفاق عليكم، شديد الحرص على هدايتكم، لما أعلمه عن مآل المكذبين، هذا رأيي في معنى قوله تعالى: (إلا المودة في القربى)، أي مودة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم, لا مودتهم لقرابته, أي فطرة إشفاق الإنسان على قرابته، أي مودة رسول لهم جراء وشائج القربى التي تربطه بهم، أو قل إشفاقه الفطري عليهم, ليس في الآية طلب مودة قربى الرسول، لأن الأجر على التبليغ منفي ابتداءً.
هادي بن علي بن أحمد أبو عامرية.
|