بسم الله الرحمن الرحيم
{اســـــــــــوار المدينة}
عند عودتي وعند دخولي أسوار المدينة ... أذهلني الهدوء وصمت المكان يقتل حواسي ..
كانت السماء ملبدة بالغيوم .. فلا أعرف في أي وقت نحن ... مررت بجوار أول محل في المدينة
وعند وقوفي على باب المحل ... نظرت بداخله .. أبحث عن احد
كان المحل مفتوحا !!
ناديت بداخله هل هناك أحد ؟؟
لم أسمع أجابة ... دخلت ببطئ ... كان المحل خاليا ً ومظلما ً
هل هناك أحد ؟؟
كنت أردد هذه العبارة ولكن لا أسمع الا صداها
محاولاتي دون جدوى .... أستمع بهدوء الى صوت الهواء طفيفا ً يتردد على نافذة المحل
نظرت جيدا ً فلم أرى شيئا مميزا حولي .... فهممت مسرعا ً للخروج من هذا المكان الموحش
عندما خرجت صدمت أكثر .... فلقد كان الخارج خاويا ً كالداخل ..
نظرت الى الشوارع ... فاذا عليها تناثر دماء ..
دماء كأن أحدا كان يحاول تنظيفها ولكنه عجز عن أخفائها بالكامل وبقي منها أشلاء يمكن رؤيتها
كانت على حيطان المنازل آثار وعلامات ... فهمت منها القليل ... فبعضها كتب عليه
رحيل غالي ... والبعض الأخر فراق حبيبة ...... جروح أقارب وأحبة
وأشياء كثيره لم أفهم أغلبها ... كانت الحيطان مهشمه ومتشققه
كانت المدينة ... صامته جريحه ... كأني أسمع وبصوت عالي صياح الحزن قائلا ً
أنا أعظم ساكنيها .. والألم يقول أنا من مستوطنيها
لولا أني متلهف لرؤية أهلي وماذا حل بمنزلنا لعدت أدراجي وبسرعة تاركا ً هذا المكان الموحش
تابعت سيري فاذا المحلات معظمها مقفل ... المفتوح منها لايوجد به شئ
أذهلني عدم وجود أحد ... أذهلني الصمت أكثر وأكثر
مررت بجوار مطعم ..... ولكن أدهشني ما رأيت
كتبت لافته أمام المطعم تقول .... طعام ولكن لايستفاد منه
كانت العبارة كفيله لتصرفني عن التفكير بالدخول اليه ... تسابقت خطاي لتجاوزه
سرت كالتائه بالبحر .. لا أعرف ماذا حل بمدينتي .. التي كانت أجمل مدينة بالكون
وكان أهلها كثيري الضوضاء و الحركة ولكنهم أطيب بشر بالوجود ,,
اتجهت مسرعا ً الى منزلي لكي أرى ماذا حل به .. وعندما وصلت اليه
وجدت سيارات كثيره بجواره وبشر كثير يتجمهرون عند بوابة منزلي ..
أذهلني التجمع .. ماهذا !!
ماذا حصل بمنزلي ... سرت وخطاي ترتجف ... الخوف يعتريني والأفكار تتلاطم بي
ياترى ماذا يفعلون هؤلاء ... هل هم مشيعون ؟؟
ولكن لمن ؟؟
عند وصولي اليهم .. كان المرور صعب بينهم
حاولت أن أتسلل بينهم لكي أرى ولكن دون فائده .. كل محاولاتي للدخول بينهم بائت بالفشل
نظرت الى أقرب شخص لي وسألته .. مابكم ؟ ولماذا تتجمعون هنا ؟؟
ولكن أزدادت حيرتي وذهولي ... كأني كنت أكلم صخره .. حتى أنه لم يلتفت الي
حاولت أن اتحدث الى غيره ولكن دون جدوى كلهم كسابقيه .
عندها أزدادت بي الحيره والخوف صرخت بأعلى صوتي ..... ماااااااااااااااا بكم ؟؟
فانقسم التجمهر الى صفين .. حتى صار بينهم ممرا ً
سرت بينهم وهم ينظرون الى وانا أنظر اليهم وكأنني من عالم أخر ... عندما وصلت الى باب
منزلي الذي كان مفتوحا ً على مصراعيه .. وضعت أول خطواتي داخل المنزل وقدماي ترتعشان
سرت بداخله .. أنصت الى صوت يعلوا ... صوت أنين وتألم
لاأدري من أين مصدره ولكن ... كنت أجزم أنه أتٍ من الطابق العلوي للمنزل .. صعدت على سلم
المنزل وأتجهت الى الأعلى .. وكأن كل خطوه تقول لي ... من أنت ؟؟
عند وصولي الى الأعلى جذب أنتباهي أن غرفتي مفتوحه ونورها مضاء
سرت اليها وأنا بشوق لها أنساني ما أنا فيه من ذهول بما مر بي .... وقفت على باب غرفتي
دخلت اليها .. التفت يمينا ً وشمالا ً .. هل هناك شيئا ً غريبا ً ؟؟
هل هناك أحد ؟؟
وقع نظري على سريري .. فأذا فوقه صندوق كأنه نعش لميت ... أنصدمت وزاد بي الخوف
ماذا يوجد بهذا الصندوق ياترى ؟؟
وما الذي جاء به الى غرفتي ؟؟
تشجعت وأقتربت منه .. وضعت يدي عليه .. ولكني سرعان مارفعتها .. فلقد كان الخوف يتملكني بشده
ولكن مع أصراري على معرفت ما بداخل الصندوق ... أستطعت فتحه ..
وفعلا ً رفعت غطاء الصندوق بتروي .. وعندما أنكشف الغطاء وانزاح بالكليه ... أدهشني ما رأيت
ولكنه ألمني أكثر مما أدهشني ..
أتدرون ماذا رأيت ؟؟؟
ليتني لم أكشف الغطاء ولم أعرف استحالة الدواء ..
لقد كأن نعش حبيبتي التي رحلت وتركتني جريحا ً وحيدا ً ... نعم أنه نعشها .. عندما رحلت بقي لي
وأنا كنت أتجول في قلبي وبين جروحي وآهاتي ..
نعم أن المدينة التي كنت أتجول بها هي قلبي وذكرياتي .......... ,
أليك حبيبتي
لقد تركتي قلبي من بعدك مدينه ... ولكن أي مدينة هي ؟؟
مدينه غير معروفة المعالم ... بها من الأسى مالله به عليم ..
ليس بها أضاءه وليس بها مياه ... أنقطعت بها كل سبل الحياه
يتجول الأنسان بها ليعرف كم هو سعيد أنه ليس من ساكنيها ..
لقد أستوطنتها أنا وأنتي حبيبتي .... ولكن برحيلك سوف أعيش بها لوحدي ..
ليتني لم أعد الى مدينتي ولم أعرف طريقها ... ياليتني لم أرى مدينتي على هذه الحال ..
لكن أعدك يامدينتي أنني سوف أعمل جاهدا ًعلى أصلاحك لتعودي كما كنت مدينة ً تعج بها الحياة
تقبلو خالص تحياتي......