بسم الله الرحمن الرحيم
✿ღღ✿...تدبر آيات سورة الحج...✿ღღ✿
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}
اللحظات المهيبة .. لا يُسكِّنها سوى تقوى الله.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}
إنما ينجو من الكرب العظيم؛ من جاء بالعمل العظيم،
وأزكاه تقوى العلي العظيم.
{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}
العظيم سبحانه يصف أمرًا ما سيحدث بأنه شيء عظيم؛
فكيف تظن عظمته تكون؟!
{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}
عند أول رجفة من رجفات الساعة العظيمة؛
تنسى كل الأمور التافهة التي كنت تظنها عظيمة
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}
أقوى علاقة بين اثنين؛ الأم ورضيعها!
من هول ذلك اليوم؛ حتى المرضعة تغفل عن رضيعها!
اللهم رحمتك.
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}
المرضع من لها ولد ترضعه،
والمرضعة من ألقمت الثدي للرضيع،
فقوله {كُلُّ مُرْضِعَةٍ} أبلغ في هذا المقام؛
فإذا ألقمته الثدي لم تذهل عنه إلا لأمر أعظم!
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}
ألا يكفي تصويرًا لهول الموقف أن تتخلى الأم عن الحب والرحمة؟!
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}
إذا كان هذا حال من امتلأ قلبها بالشفقة والحنان؛
فكيف بحالي وحالك؟!
رحماك يا رب!
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}
أحن موقف للأم بطفلها حال الرضاعة؛
ولكن مع شدة وهول الموقف تذهل عنه!
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ}
كلنا متبعون؛ نحن وهم؛
ليس منا المستقل،
ولكن نحن نتبع خير النبيين، وهم يتبعون مردة الشياطين!
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ}
المجادلة بغير علمٍ ولا هدى؛ هي طريق مشرعة لاتباع الشياطين!
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ}
سائق الجدال إنما هو شيطان!
{وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ...}
حياة قصيرة أمكن اختصارها في سطر؛
هل تستحق أن تجعلها لغير من وهبها لك؟!
{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}
ليس هناك ما يوجب على الأرض إن نزل الماء أن تُنبت الشجر إلا أنَّ الله أمرها بذلك.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
"يحيي الموتى" .. وليس جسدًا مريضًا .. أفهمت أيها المبتلَى؟
{وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
هل مرضُك شيء؟ إذًا هو يقدر على شفائه.
هل همُّك شيء؟ إذًا هو يقدر على تفريجه.
هل فقرُك شيء؟ إذًا هو يقدر على رفعه.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}
إذًا فكل الباطل والزيغ والضلال لمن عاند شريعة الحق،
ولمن نكب عن صراط الحق،
ولمن عادى أولياء الحق.
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}
القرآن أشد الكتب نورًا؛
فلا تتعجب لتلك الأنوار المشعة عن قسمات التالين له،
وكلمات المستدلين به،
وأفعال الداعين إليه.
{لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}
كل مجادل بباطل على وجهه أمارات المهانة .. ودلائل الخزي .. وعلامات الخذلان.
{وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}
أوصد كل الأبواب، أحكم كل النوافذ،
إلا ما كان من قِبَلهِ سبحانه؛
فإنها تنفذ إلى الأمان المطلق.
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}
"حرف" أي: "طرف"..
حتى العبادة لاتصلح فيها الأطراف؛
اذهب للعمق واستقر. عندما تقرأ قول الله: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}
ثم لا تجد في قلبك إقبالًا على كلامه؛
فتأمل آخر الآية: {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ}.{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ}
حريٌّ بمن لا يعلم أأراد الله هدايته أم لم يرد أن يطول بكاؤه.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ}
طريقك إلى الله مزدحم بالساجدين؛
ففيم الوحشة؟
{وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ}
أعظم إهانة يتلقاها إنسان؛
أن يحرمه خالقه من أن يسجد له.