بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال
هل الرسول صلى الله عليه وسلم يستفيد من صلاتنا عليه؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعبدنا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلينا أن نمتثل الأمر، سواء عرفنا الفائدة أم لا، وقد تلمس بعض العلماء فوائد يستفيدها النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه، فقال النفراوي في شرح الرسالة: ولما استحب بعض العلماء البداءة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبالحمدلة لكل مصنف، ومدرس، وقارئ بين يدي شيخه، سواء كان المبدوء، أو المقروء: فقهًا، أو حديثًا، أو غيرهما، ذكرهما عقب البسملة على ما في بعض النسخ، فقال: (وصلى الله) بلفظ الخبر، والمراد الطلب، أي: أنزل - يا الله - الرحمة المقرونة بالتعظيم، أو مطلقها؛ لأن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن غيرهم التضرع والدعاء بخير .. والجملة خبرية لفظًا، إنشائية معنى، قصد بها التضرع إلى الله تعالى بأن يرحم ويحيي نبيه, والمراد برحمته لنبيه زيادة تكرمة له وإنعام, وبالسلام عليه تأمينه بطيب تحية وإعظام.
فإن قيل: مما يجب اعتقاده أن الله تعالى أفاض على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كل كمال لبشر، أو ملك؛ حتى لم يبق كمال منها إلا وقد أفيض عليه، فأي شيء يطلب حصوله له؟
فالجواب من أوجه:
منها: أن أمره سبحانه وتعالى إيانا بالصلاة عليه محض تعبد.
ومنها: أن ذلك على طريقة الشكر له منا؛ للمكافأة له عليه الصلاة والسلام لما في الوسع.
ومنها: أن ذلك لطلب كمال في سعة كرمه تعالى, علق حصوله على الصلاة مثلًا؛ لأنه يلزم من جمعه للكمالات المفرقة في الملك والبشر أن لا يكون عنده تعالى زيادة؛ ولذلك يقولون: الكامل يقبل الكمال.
والأظهر أن فائدة الصلاة عائدة علينا بسببه صلى الله عليه وسلم حال حياته، وبعد وفاته؛ لما ورد من أنه إذا صلى عليه أحدنا صلاة صلى الله عليه بها عشرًا. اهـ.
وقال الخادمي في بريقة محمودية: معنى الصلاة: صل: بمعنى نطلب الصلاة، أي الرحمة ... ثم المراد من الرحمة، أو من حسن الثناء الرحمة الخاصة، نحو الوسيلة التي أمرنا بسؤالها، بقوله صلى الله عليه وسلم:{سلوا لي الوسيلة، والفضيلة، والدرجة العالية الرفيعة} ونحو إبقاء الشريعة، وتكثير الأمة، وتشفيعه، فإنه لا نهاية لرحمة الله تعالى، ولا غاية لإحسانه، فيجوز أن يحسنه تعالى بسبب دعائنا غير إحسانه من كرمه، ومن مجازاة أعماله صلى الله عليه وسلم، فنوع من الرحمة منوط بدعاء الأمة، كسائر العاديات على حكمته، ومن الحكمة تثويب المصلي، وتقريبه، وربط علاقة ومحبة بينه وبين نبيه صلى الله عليه وسلم؛ حتى يكون شفيعه، أو صاحبه، بل رفيقه، ويقضي بها حاجاته ... اهــ.
والله أعلم.