بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً }
قوله عز وجل: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً...}.
قال ابن عباس: هى الخيلُ، والضبيح: أصواتٍ أنفاسها إذا عدون. قال: حدثنا الفراء قال: حدثنى بذلك حِبَّان بإسناده عن ابن عباس.
{ فَالمُورِيَاتِ قَدْحاً }
وقوله عز وجل: {فَالمُورِيَاتِ قَدْحاً...}.
أورت النار بحوافرها، فهى نار الحُباحب. قال الكلبى بإسناده: وكان الحباحب من أَحياء العرب، وكان من أبخل الناس، فبلغ به البخل، أنه كان لا يوقد ناراً إِلاَّ بليل، فإذا انتبه منتبه ليقتبس منها أطفأها، فكذلك ما أورت الخيل من النار لا ينتفع بها، كما لا ينتفع بنار الحباحب.
{ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً }
وقوله عز وجل: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً...}.
أغارت الخيل صبحا، وإنما كانت سريَّة بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بنى كنانة، فأبطأ عليه خبرها، فنزل عليه الوحى بخبرها فى العاديات، وكان على بن أبى طالب رحمه الله يقول: هى الإبِلُ، وذهب إلى وقعة بدر، وقال: ما كان معنا يومئذ إلا فرس عليه المقداد بن الأسود.
{ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً }
وقوله عز وجل: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً...}.
والنقع: الغبار، ويقال: التراب.
وقوله عز وجل: {بِهِ نَقْعاً} يريد [/ب]: بالوادى، ولم يذكره قبل ذلك، وهو جائز؛ لأن الغبار لا يثار إلاّ من موضع وإن لم يذكر، وإذا عرف اسم الشىء كُنّى عنه وإن لم يَجْرِ له ذكر.
قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، يعنى: القرآن، وهو مستأنف سورة، وما استئنافه فى سورة إِلاّ كذكره فى آية قد جرى فيما قبلها، كقوله: {حم، والكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، وقال الله تبارك وتعالى: {إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّى حتَّى تَوَارَتْ بِالحِجَابِ} يريد: الشمس ولم يجر لها ذكر.
{ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً }
وقوله عز وجل: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً...}.
اجتمعوا على تخفيف (فوسطن)، ولو قرئت "فوسّطن" كان صوابا؛ لأن العرب تقول: وسَطت الشىء، ووسَّطته وتوسَّطته، بمعنى واحد.
{ إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ }
وقوله عز وجل: {إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ...}.
قال الكلبى وزعم أنها فى لغة كندة وحضرموت: "لَكَنُود": لَكفور بالنعمة.
وقال الحسن: {إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} قال: لَوّام لربه يُعد المسيئات، وينسى النعم.
{ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ }
وقوله عز وجل: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ...}.
يقول: وإن الله على ذلك لشهيد.
{ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ }
وقوله تبارك وتعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ...}.
قد اختلف فى هذا؛ قال الكلبى بإسناده: لشديد: لبخيل، وقال آخر: وإنه لحب الخير لقوىٌّ، والخير: المال. ونرى والله أعلم ـ أن المعنى: وإنه لِلْخير لشديد الحب، والخير: المال، وكأن الكلمة لما تقدم فيها الحب، وكان موضعه أن يضاف إليه شديد حذف الحب من آخرة لمّا جرى ذكره فى أوله، ولرءوس الآيات، ومثله فى سورة إبراهيم: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِى يَوْمٍ عَاصِفٍ} والعصُوف لا يكون للأَيام؛ إنما يكون للريح [/ا] فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره، كأنه قيل: فى يوم عاصف الريح.
{ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ }
وقوله عز وجل: {أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ...}.
رأيتها فى مصحف عبدالله: "إذا بحث ما فى القبور"، وسمعت بعض أعراب بنى أسد، وقرأها فقال: "بحثر" وهما لغتان: بحثر، وبعثر.
{ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ }
وقوله عز وجل: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ...} بُيّن.
{ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }
وقوله عز وجل: {إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ...}.
وهى فى قراءة عبدالله: "بأنه يومئذ بهم خبير".