مجلس الادارة
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1878
|
تاريخ التسجيل : Jun 2012
|
أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
|
المشاركات :
54,004 [
+
] |
التقييم : 637
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
ينابيع سورة الإنفطار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف ابداء لكم ان شاء الله في تفسير سور من القران تفسير السعدي عن طريق داعية من المدينة المنورة لها عدة كتب (( ام غسان ))
بسم الله الرحمن الرحيم نبدا وعلى بركة الله
من ينابيع سورة الانفطار
بسم الله الرحمن الرحيم
من ينابيع سورة الانفطار
ذكر الله عز وجل في هذه السورة بعض أهوال يوم القيامة , لأن حدوث هذه الأهوال , والعلم بذلك دليل على زوالها وفنائها , ولا بقاء إلا لله وحده – سبحانه –
وهي دعوة للقلب والمشاعر لتتجه إلى الباقي ولا تركن للفاني , فتشعر بالأمان والاطمئنان.
روى الإمام أحمد عن ابن عمر – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال : ( من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ " إذا الشمس كورت , وإذا السماء انفطرت , وإذ السماء انشقت "
معنى آياتها :
ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
إذا : أداة شرط , تدل على الحدوث في المستقبل , وانفطار السماء هو تشققها , وقد ورد ذلك في سورة الانشقاق ( إذا السماء انشقت ) وانشقاقها يعني تفرق أجزاءها عن بعضها بعض , ويترتب على ذلك تناثر نجومها وكواكبها , وخسوف شمسها وقمرها . وهذا حدث هائل لو تأمل العقل بحقيقته فزع القلب إلى الاستسلام لمن كانت هذه علامة من دلائل قدرته . وهو وعد من الله مفعولا , كما قال في سورة المزمل : ( السماء منفطر به كان وعده مفعولا )
ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
والبحار على غير عادتها يفجرها الله تعالى بعضها في بعض , فصارت بحرا واحدا , قد اختلط مالحها مع عذبها , وبحرها مع محيطها مع نهرها .
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
وتبعثر القبور يدل على خروج من كان فيها , يبعثون أحياء . وحين يحدث ذلك تعلم كل نفس أنها محاسبة على ما قدمت من خير أو شر . فكيف يكون حال من أحسن العمل , وأحسن الظن بربه , وكيف هي حال من أسرف واتبع هواه , وكان أمره فرطا .
ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ
هذا نداء عتاب , ترتفع درجته حتى تصل إلى التهديد والوعيد , وهو من رب العالمين الكريم , الذي من كرمه لم يعاجل عبده المقصر المسرف بالعقوبة , الذي غره جهله , وغروره , وحلم الله عليه , فقابل ذلك بالتمادي في الضلال , والعناد وعدم قبول الحق الذي جاء به الرسل من ربه الكريم – ومع ذلك - أمهله , وعاتبه , وذكره باسمه الكريم, حيث أكرمه بأن خلقه بشرا وفضله على سائر الخلق , وأكرمه بأن أعطاه عقلا وفطرة يهتدي بها إلى الحق , وأكرمه بأن أرسل إليه رسلا يذكرونه ويدلونه على طريق الهداية . وأكرمه بأن عاتبه ولم يعاجله العقوبة .
ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ
مع هذا كله , يقابلون كرمه بالجحود والنكران , ويكذبون .
وما يحملهم على مقابلة كرم الكريم بالمعاصي والفسوق إلا أنهم لا يصدقون بيوم الجزاء والحساب .
ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
وهم قد وكل الله -عز وجل – بهم حفظة يحصون عليهم جميع أعمالهم القلبية والجسدية , الظاهرة والباطنة . ووصفهم الله بأنهم كراما : أي يكرمونكم فيما يكتبون عنكم , فلا يجورون عليكم , ولا يبخسونكم حقكم , فعليكم أن تقابلوا إكرامهم لكم بأن تجلوهم وتحترموهم , فلا تفعلون ما يسوؤهم كتابته عنكم .
ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ
هذا هو مصير الأبرار الذين أطاعوا الله –سبحانه – ولم يقابلوا كرمه بالمعاصي , فقاموا بحقوق الله الواجبة عليهم خير قيام , وأحسنوا إلى خلقه فيما يرضيهم عنه , سينعمهم , وقد جاءت كلمة " نعيم " نكرة لتعم كل نعيم دنيوي وأخروي , وكل نعيم جسدي أو روحي.
ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
أما الفجار الذين الذين تجاوزوا الحد في كفرهم وطغيانهم , فإن مصيرهم الجحيم , وهي أيضا نكرة " جحيم " لتعم عذاب الدنيا والآخرة , وعذاب الجسد والروح , فلا يجدون إلا الشقاء – وإن ظن الظان أنهم في الدنيا سعداء –
ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ
وسيذوقون شدة عذاب الجحيم يوم الجزاء والحساب . وسيكون عذابا دائما أبدا لا يحولون عنه ولا يزولون , ولا يخفف عنهم فيرتاحون , ولا يتحقق لهم ما يتمنون من الموت والخلاص منه .
ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
وقد عظم الله شأن يوم الدين , بقوله : ( وما أدراك ما يوم الدين ) ثم أكد ذلك التعظيم بقوله : ( ثم ما أدراك ما يوم الدين ) فهو يوم تحتار فيه العقول , وتعجز عن إدراك حقيقته , أو تقدير شدة أهواله .
ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ
هذا تفسير لبعض حقيقة يوم الدين , وما يحدث فيه , حيث لا يقدر أحد على خلاص نفسه ولا نفع غيره – ولو كان أقرب قريب وأحب حبيب – إلا لمن يأذن لهم بالشفاعة ويرضى عنهم , لأن الأمر له وحده – عز وجل – لا ينازعه , ولا يعارضه أحد أبدا .
من ثمرات التدبر في آيات السورة :
- حدوث أهوال يوم القيامة , وزوال السماء وكواكبها , وتفجر البحار , وغيرها من أهوال أخرى ذكرت في سور أخرى دليل على فناء هذه الأشياء , ولا بقاء إلا لله . إذن ليتجه القلب وتتعلق المشاعر بالباقي الدائم لتشعر بالأمان والاطمئنان, فلا بقاء ولا دوام لغيره
هذه الساعة وما يحدث فيها هي بداية ظهور الحقيقة لكل نفس , فيربح من قدم وعمل , ويخسر من ضيع وعصى , فيعض الظالم على يديه ويقول : يا ليتني , ولا ينفعه التمني .
- انتشار الكواكب , يجعلنا نتساءل كم عددها ؟ كيف يتخيل الإنسان انتشارها وهو يشاهدها ؟
ما أثر ذلك في نفسه وهو يتخيل ؟ وكيف سيكون أثره وهو يشاهده عيانا ؟
- ( وإذا البحار فجرت ) تفجر البحار , يقربه للأذهان تذكر انفجار القنابل , لكن قنابل الدنيا كلها لو جمعت وفجرت في وقت واحد , ماذا تساوي أمام انفجار البحار يوم القيامة ؟!
- ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) العلم قبل استلام كتب الأعمال يروع النفس فيكون هولا عليها أشد من الأهوال التي رأتها , لأنها تعلم أن ما قدمت وأخرت سيكون له نتيجة وبعد النتيجة عقاب إما جنة أو نار . فيكون بذلك العلم للنفس عذاب دون عذاب .
- ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) الخطاب بكلمة "الإنسان " فيه دليل احترام لإنسانيتنا من خالقنا عز وجل – ألا نستحي أن نقابل هذا التقدير بالعصيان ؟! – ثم تلاه العتاب. وليس ما غره جهل وعدم علم , بل جهل معرفة الحقيقة , فهو يعرف ربه خالقه , لكنه يجهل عظمته وقدرته جلاله وسلطانه وجبروته وملكوته , فلم يستشعر هذه العظمة .
- ( ربك الكريم ) " ربك " الذي رباك بنعمه , ورعايته , وتوفيقه , وقبل ذلك كله أوجدك من العدم , و اسم الله " الكريم " يوحي أن من قابل إكرام الكريم بالإساءة استحق منه العقاب , لأنه ناكر لكرمه , حيث تنعم بنعمه وجحد فضله ونسي إحسانه .
والجحود ممن لم يكرم أهون ممن أُكرم , مثل إنسان يسيء إلى إنسان لم يحسن إليه , وإنسان يسيء إلى إنسان أحسن إليه , أيهما أشد لؤما ؟
- ( الذي خلقك فسواك فعدلك ) لنتذكر هذه النعمة كل ما وقع بصرنا على من هو أدنى منا من مخلوقات الله كالحشرات وغيرها .
- ( في أي صورة ما شاء ركبك ) لابد من الرضا بما أنعم الله علينا به في خلقتنا , ومن لم يرض بذلك فهو معترض على مشيئة الله عز وجل , ولم يرض بقضائه وقدره .
- ( كلا بل تكذبون بالدين ) سمى الله – عز وجل – يوم القيامة بيوم الدين , فهو يوم جزاء وحساب , ومن كذب به , لم يستعد له , فيغبن كل الغبن في تلك الساعة . فالإيمان بيوم القيامة أساس التقوى والصلاح . ولا يمكن لقلب ساه غافل عن الآخرة أن يستقيم على هدى أو يفعل خير أبدا .
- ( وإن عليكم لحافظين ) هذه الآية تربي المرء على الإخلاص , لأن القلوب تشعر أنهما مراقبة من الله في كل لحظة , ومن تملك هذا الشعور قلبه ونفسه حقق التقوى ونال البر واجتنب المعاصي , وصار من أهل درجة الإحسان .
والعلم بعمل الملائكة وهم يكتبون يكون سببا لإتقان العمل , والشعور بأنهم يكتبون يكون سببا للعدل في التعامل مع الغير وعدم ظلمهم .
- وصف الله عز وجل نفسه ب " الكريم " ووصف ملائكته بأنهم " كراما " ومن القبيح بالإنسان أن يقابل الكريم – سبحانه – والكرام , بسيئ الأعمال , وقبيح الأفعال والأقوال .
- ( إن الأبرار لفي نعيم ) و ( إن الفجار لفي جحيم ) في الآيتين فإن أداة توكيد , وحرف اللام مع حرف الجر أيضا تأكيد على تأكيد , ولكن الأولى تأكيد على الانغماس في النعيم الدنيوي والأخروي , وفي الثانية دليل على الانغماس في العذاب الدنيوي والأخروي .
- ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) عجز تام , ومن عجز أن يملك لنفسه شيئا – وكلمة شيئا نكرة تدل على العموم , أي ولو كان تافها – فهو عن نفع غيره أعجز . فما الذي ينفع إذن؟
- ( والأمر يومئذ لله ) لا ينازعه فيه أحد , إذن هو الذي يملك الملك المطلق , ولا ينفع غير اللجوء إليه , ولن ينتفع باللجوء إليه في ذلك اليوم إلا من لجأ إليه في دنياه , وأقر له بالربوبية والألوهية وآمن بأسمائه وصفاته .
ومع أن الأمرله , فهو بعدله وكرمه لا يظلم أحد أبدا , ويجازي المحسن بخير الجزاء كرما منه وفضلا . ويأخذ لكل ذي حق حقه.
وظاهر الأمر في الدنيا أن الملك لمن ملك من البشر , لكنه في حقيقته ملك الله , والأمر به لله , فملك الدنيا لا يتصرف إلا بقدر الله .
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأبرار , المتنعمين في نعيمه في الدنيا والآخرة , إنه سميع مجيب , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيد المرسلين .
|