السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى "
إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } * { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } * { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } * { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } * { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً }
قال الطبري رحمه الله "
يعني تعالى ذكره بقوله: { إذَا وَقَعَتِ الوَاقَعةُ }: إذا نزلت صيحة القيامة، وذلك حين يُنفخ في الصور لقيام الساعة.
وقوله: { لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ } يقول تعالى: ليس لوقعة الواقعة تكذيب ولا مردودية ولا مثنوية، والكاذبة في هذا الموضع مصدر، مثل العاقبة والعافية.
وقوله: { خافِضَةٌ رَافِعَةٌ } يقول تعالى ذكره: الواقعة حينئذٍ خافضة، أقواماً كانوا في الدنيا، أعزّاء إلى نار الله.
وقوله: { رَافِعَةٌ } يقول: رفعت أقواماً كانوا في الدنيا وُضَعاء إلى رحمة الله وجنته. وقيل: خفضت فأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى.
###############################
وقوله: { إذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا } يقول تعالى ذكره: إذا زلزلت الأرض فحرّكت تحريكاً من قولهم السهم يرتجّ في الغرض، بمعنى: يهتزّ ويضطرب.
#####################
وقوله: { وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا } يقول تعالى ذكره: فتتت الجبال فتا، فصارت كالدقيق المبسوس، وهو المبلول، كما قال جلّ ثناؤه: وكانَتِ الجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً والبسيسة عند العرب: الدقيق والسويق تُلَتُّ وتُتَخَذُوا زاداً.
وذُكر عن لصّ من غَطَفان أنه أراد أن يخبز، فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق وأكله عجيناً، وقال:
لا تَخْبِـزَا خَبْـزاً وبُسَّـا بَسَّـامَلْسـاً بِـذَوْدِ الحَـلَسِـيّ مَـلْـسـا
#########################
وقوله: { فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا } اختلف أهل التأويل في معنى الهباء، فقال بعضهم: هو شعاع الشمس الذي يدخل من الكوّة كهيئة الغبار. وقال آخرون: هو رهج الدوابّ.
وقال آخرون: هو ما تطاير من شرر النار الذي لا عين له.
وقال آخرون: هو يبيس الشجر الذي تذروه الرياح. ###############
وقد بيَّنا معنى الهباء في غير هذا الموضع بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأما قوله: { مُنْبَثًّا } فإنه يعني متفرّقاً.