قال: المملكة لديها المال والحلفاء وتتعذر بالطاقة الكهربائية في سعيها لبناء المحطات
خبير اقتصادي عالمي: السعوديون قطعوا شوطاً طويلاً في طريق امتلاك القدرة النووية
سبق- واشنطن
تساءل أحد أكبر خبراء النفط في العالم ومدير أحد المعاهد السياسية في إحدى جامعات لندن "نيك بتلر" في مقال اقتصادي في "الفاينانشيال تايمز" عن "لماذا السعودية الآن تستخدم ورقة الطاقة الكهربائية لبناء مفاعلاتها النووية؟، وقال إن الحياة في الشرق الأوسط لا تسكن أبداً، فالتقدم الإيراني في أحد برامجه النووية لم يتوقف أثناء المفاوضات التي بدأت نهاية العام الماضي في غياب حل أو اتفاق لهذا الملف، والعمل العسكري من طرف واحد وهو إسرائيل باتجاه إيران، لا يمكن استبعاده إطلاقاً، في الوقت نفسه هناك دول بدأت في تطوير قدراتها الذاتية بعد أن فقدت مظلة الحماية الأمنية من أمريكا مثل السعودية. واصفاً هذه الملفات بالمخاطر الكبيرة المحدقة بالمنطقة وبأسواق الطاقة في العالم.
واستند "نيك بتلر" إلى ورقة بحث جديدة لـ"مركز بيلفر" في جامعة هارفارد أعدَّها أولي هينونين وسايمون هندرسون، تكشف أن الاهتمام السعودي بالتكنولوجيا النووية نابع من رغبتها من أنها تريد استخدامها لإنتاج الطاقة الكهربائية والحفاظ على إمدادات النفط التي تُستخدم داخلياً في السعودية لتصديرها.
مضيفاً أن هناك نواة حقيقية في هذا بطبيعة الحال، فاستهلاك النفط المحلي في المملكة العربية السعودية آخذ في الارتفاع، والآن أكثر من 3 ملايين برميل يومياً تُستخدم محلياً، بطبيعة الحال هذا هو بالضبط الحجة التي تستخدمها إيران للأبحاث النووية الخاصة بها!
وقال "نيك بتلر" إن الورقة البحثية لـ"هينونين" و"هندرسون" تعتقد أن السعوديين يمهدون الطريق لإعطاء أنفسهم خياراً أن يكونوا قادرين على تجاوز الطاقة النووية المدنية، إلى النقطة التي يمكنهم في غضون أشهر أن ينتجوا نوعاً من الأسلحة النووية، وأشار إلى أن السعودية دون شك لديها المال لشراء كل ما هو مطلوب لبناء قدراتهم النووية، ولديهم حلفاء مقربون مثل باكستان البلد الذي هو بالفعل دولة نووية.
وأضاف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنفق الكثير من الأموال لمراقبة الأردن، والسعوديون ربما قطعوا شوطاً طويلاً في الطريق إلى امتلاك القدرة النووية دون أن يتنبه لهم أحد، وبات واضحاً أنها متأخرة جداً اليوم، في إشارة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وزعم الكاتب أن العالم يعمل على التخلي عن نفط الشرق الأوسط بشكل كبير، وتحدث عن بدائل محتملة لنفط الشرق الأوسط، كالنفط الصخري في أمريكا، واستخدام الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح لإنتاج الطاقة وغيرها، وجميعها ستوفر للمستهلكين خيارات جديدة، وستقلل من اعتمادنا على النفط في الشرق الأوسط. مضيفاً أن الطلب على النفط سيصل إلى ذروته في العالم، كما حصل في أمريكا والصين واليابان، لكن النقطة الحاسمة هو أننا لسنا هناك!
وأضاف "نيك بتلر" أن الحديث عن الاكتفاء الذاتي من النفط والغاز، في أمريكا الشمالية ربما سيتم تطوير النفط الصخري في الصين، وأن الواقع صعب ولا يمكن أن يتحقق أي من هذه الوعود قبل 2020 من الآن على المدى القريب، لكن على سبيل المثال في بحر قزوين، وغرب البرازيل، وغرب إفريقيا هذه بدائل جديدة لإمدادات النفط في الشرق الأوسط، لكنها أبطأ مما نتوقع، مضيفاً: لا يمكننا تحمُّل عدم فهم حقيقة أن الاحتمالات الإيجابية على المدى المتوسط والطويل لمصادر النفط الجديدة لا تأتي بإزالة اعتمادنا على نفط الشرق الأوسط في العِقد المقبل.
وأضاف الكاتب قائلاً إن المملكة العربية السعودية تنتج حالياً حوالي 11.5 مليون برميل من النفط، ويتم تصدير حوالي 8.5 ملايين برميل، وهذا يُعتبر سدس تجارة النفط العالمية.
وأشار "نيك بتلر" إلى أنه إذا فشل العراق في أن يرقى بإنتاجه ويعود إلى مستوى إنتاج 6 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020 فالاعتماد على السعودية سيكون أكبر.
وأضاف التقرير أن هناك مخاطر أيضاً فطرق التجارة خطيرة، أيضاً في الشرق الأوسط، ولا سيما في مضيق هرمز، وهو مسار لتصدير النفط إلى العالم.
وتوقع الكاتب أنه مع مرور الوقت سيتدفق قليل من النفط غرباً والكثير منه سيتحول إلى آسيا، هذا خيار استراتيجي كبير جداً، وخاصة بالنسبة للصين والهند، ولكن السوق العالمي للنفط سوق واحد، وأي تعطيل فيه يؤثر على الأسعار في جميع أنحاء العالم.
وختم "نيك بتلر" مقاله قائلاً: أنا لا أعرف إذا ما كان يمكننا وقف عملية انتشار التكنولوجيا النووية، هذا يعتمد كثيراً على أمريكا وإسرائيل إذا تسامحت في برنامج إيران النووي، وتركته يتطور إلى برنامج نووي عسكري فالمنطقة كلها سوف تصبح عالية المخاطر بشكل فعلي. مطالباً الدول الأوروبية بالبحث عن إمدادات بديلة، والبحث عن بدائل استراتيجية للنفط القادم من الشرق الأوسط.
الجدير بالذكر أن الكاتب نيك بتلر أمضى 29 عاماً مع شركة بريتيش بتروليوم، عمل خمس سنوات في منصب نائب رئيس المجموعة للسياسة واستراتيجية التنمية في شركة بريتيش بتروليوم 2002-2006. وقد شغل عدة مناصب في الاتحاد الأوروبي.
عابرسبيل