رد: معآ انكتب 1000 حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وسلم
قوله: "ألاَ أدلُّك على أبواب الخير؟ الصومُ جُنَّة، والصدقةُ تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النار، وصلاةُ الرجل في جَوف الليل، ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} "، حتى بلغ {يَعْمَلُونَ} لَمَّا بيَّن صلى الله عليه وسلم الفرائضَ التي هي سبب في دخول الجنَّة والسلامة من النار، أرشد صلى الله عليه وسلم إلى جملة من النوافل التي يحصل للمسلم بها زيادة الإيمان وزيادة الثواب وتكفير الذنوب، وهي الصدقة والصيام وقيام الليل، وقال عن الصوم: "الصومُ جُنَّة"، والجُنَّة هي الوقاية، والصوم وقاية في الدنيا والآخرة، فهو وقاية في الدنيا من الوقوع في المعاصي، فعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر الشباب! مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، فإنَّه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنَّه له وِجاء" رواه البخاري (1905) ، ومسلم (1400) ، وهو وقاية في الآخرة من دخول النار، وقد جاء في الحديث:."مَن صام يوماً في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً" رواه البخاري (2840) .
وقوله: "والصدقة تطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار"، فيه بيان عظم شأن الصدقة النافلة، وأنَّ الله تعالى يحطُّ بها الخطايا ويُطفئها بها كما يُطفئ الماءُ النارَ، والخطايا هي الصغائر، وكذلك الكبائر مع التوبة منها، وتشبيه النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إطفاء الصدقة للخطايا بإطفاء الماء النار يدلُّ على زوال الخطايا كلّها؛ فإنَّ المشاهد في الماء إذا وقع على النار أنَّه يزيلها حتى لا يبقى لها وجود.
وقوله: "وصلاة الرَّجل في جوف الليل" هذا هو الأمر الثالث من أبواب الخير، التي يُتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ بها، وقد تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قوله تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ، وقد أخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ أفضلَ الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل، رواه مسلم (1163) ، وقد مهَّد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لبيان أبواب الخير هذه بالاستفهام، وذلك في قوله لمعاذ: "ألاَ أدلُّك على أبواب الخير؟ "؛لِمَا في ذلك من لفت نظر معاذ إلى أهميَّة ما يُلقَى عليه، ليتهيَّأ لذلك ويستعدَّ لوعي كلِّ ما يُلقَى عليه.
|