05-21-2014, 03:45 PM
|
#1
|
مجلس الادارة
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1878
|
تاريخ التسجيل : Jun 2012
|
أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
|
المشاركات :
54,004 [
+
] |
التقييم : 637
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
العَدل أساس المُلك
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لّمَا صارَ محمد ( صلى الله عليه وآله ) ابْنَ سَبْعِ سِنينَ قالَ لأُمَّهِ حَليمَةَ : ( يا أُمِّي ، أَيْنَ إخْوَتي ؟ ) .
قالتْ : يا بُنيّ إنَّهُمْ يَرْعَوْنَ الغَنَمَ التي رَزَقَنا الله إيَّاها بِبَرَكَتِكَ .
قالَ : ( يا أُمّاهُ ، ما أَنْصَفْتِني ! ) .
قالَتْ : كَيْفَ ذلِكَ يا وَلَدي ؟!
قالَ : ( أكُونُ أَنا في الظِّلِّ وإخْوَتي في الشَّمْسِ والْحَرِّ الشّديدِ وأنا أَشْرِبُ مِنها اللَّبَنَ ! ) .
الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) كان وهو في سِنِّ السابعة يتحدَّث مع مُرضعته عن الإنصاف داخل مُحيط الأُسرة الصغير ، ويُنمِّي في عقله الفتيِّ مفهوم العدل والإنصاف ، وعندما بلغ ( صلى الله عليه وآله ) وشَبَّ ترسَّخ هذا المفهوم في ذهنه أكثر ، وعمد إلى نقل هذا المفهوم مِن مُحيط الأُسرة المحدود وتطبيقه على مُحيط مدينة مَكَّة الواسع ، فاجتمع ( صلى الله عليه وآله ) مع مجموعة مِن كِبار رجال العرب في حِلف سُمِّيَ بـ : ( حلف الفضول ) وذلك بهدف تحقيق العدالة وتطبيق العدل الاجتماعي ، فتحالف معهم دفاعاً عن حقوق الناس ، وكان ما كان كما نقله لنا التاريخ .
كان نفر مِن جُرْهم وقطوراء يُقال لهم : الفضيل بن الحارث الجُرهمي ، والفضيل بن وداعة القطوريِّ ، والمفضل بن فضالة الجرهمي اجتمعوا فتحالفوا أنْ لا يُقرُّوا ببطن مَكَّة ظالماً ، وقالوا : لا ينبغي إلاَّ ذلك ؛ لما عَظَّم الله مِن حَقَّها ، فقال عمر بن عوف الجُرهمي :
إنَّ الفُضول تحالفوا وتعاقدوا ألا يَـقرَّ بـبطن مَكَّة ظالم
أمـرٌ عليه تعاهدوا وتواثقوا فـالجار والمُعترُّ فيهم سالم
ثمَّ درس ذلك ، فلم يبق إلاَّ ذِكره في قريش .
ثمَّ إنَّ قبائل مِن قريش تداعت إلى ذلك الحلف ، فتلاقوا في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسِنِّه ، وكانوا بني هاشم وبني عبد المُطَّلب وبني أسد بن عبد العِزَّى وزهرة بن كلاب وتيم بن مُرَّة ، فتحالفوا وتعاقدوا أنْ لا يجدوا بمَكَّة مظلوماً مِن أهلها أو مِن غيرهم مِن سائر الناس ، إلاّ قاموا معه وكانوا على ظلمه حتَّى تُردُّ عليه مظلمته ، فسَّمت قريش ذلك الحِلف حِلف الفُضول .
كان الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) يتجنَّب في فترة شبابه الاختلاط في ذلك العصر الجاهلي قدر الإمكان ، ويمتنع عن مُجالستهم ، لكنَّه ( صلى الله عليه وآله ) شارك في هذا الحِلف بكلِّ سرور ورَحابة صدرٍ ، وتعاون مع الأشخاص الذين تعاهدوا وتواثقوا على بَسط العدل ؛ لأنَّ هذا الحِلف جاء مُطابقاً لمرامه وطباعه ( صلى الله عليه وآله ) ونفسِهِ التَّوَّاقةِ للعدل .
فالذي يُفكِّر بالعدل مُنذ طفولته ، ويتحدَّث عن الإنصاف مع مُرضعته وهو ابن سبع سنين ، لا بُدَّ أنْ يترسَّخ هذا المفهوم في نفسه أكثر عندما يُصبح شابَّاً . وكان لا بُدَّ للرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) أنْ يستفيد مِن كلِّ فُرصة تُسنح له ، ويلجأ إلى اتِّباع شتَّى الأساليب لتطبيق العدل الاجتماعي ، الذي يُشكِّل هدفاً مُقدَّساً بالنسبة له ( صلى الله عليه وآله) . وفعلاً حانت الفُرصة المُنتظرة ، عندما قرَّر عدد مِن كبار رجال مَكَّة بذل ما بوسعهم لتطبيق العدل ووضع حَدٍّ للظلم والجور ، فاغتنمها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مُعلناً استعداده للتعاون معهم والانضمام للحٍلف ، فكان ما كان .
وقد دعا الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) الناس قاطبة إلى العدل مُنذ بُعِث نَبيَّاً . وقد تخطَّت دعوته حدود مَكَّة وبلاد الحِجاز ، وكان لها صدى واسع في جميع أنحاء المعمورة . ولم تَغِب ذِكرى حِلف الفضول عن بال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذي كان يتذكَّرها ، فيسعد ويفخر بها .
فَقَالَ حِينَ أَرْسَلَهُ الله تعالى : ( لَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ عُمومَتي حِلْفاً في دارِ عَبْدِ الله بنِ جَدْعانَ ، ما أُحِبُّ أنَّ لي بهِ حُمْرَ النَّعّمِ ، ولّو دُعِيتُ بهِ في الإسْلام لأَجَّبْتُ ) .
|
|
|