إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد،
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، واحذروا بطشه وانتقامه؛
فإن بأسه شديد، وهو عزيزٌ ذو انتقام، وسنة الله واحدة في خلقه،
تقول عائشة رضي الله عنها: {ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلماً
مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهاته -أي: لا أراه يضحك ويفتح
فاه حتى أرى أقصى فمه- إنما كان يتبسم تبسماً صلى الله عليه وسلم،
وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرف ذلك في وجهه، فقلت: يا رسول الله!
إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر،
وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية! فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: يا عائشة ! وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب }
الله أكبر! من كان بالله أعرف كان لله أخوف.
أما نحن فنقول: الجو جميل وطيب لنأكل في الملاهي، ونبارز ربنا في البراري،
لنعصي الله عزَّ وجلَّ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
{وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب }
أخرجه البخاري ومسلم
فقد عُذِّب قومٌ بالريح، وقد رأى قوم العذاب، وقالوا: هذا عارضٌ ممطرنا.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها،
وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به }
وقالت رضي الله عنها: {وإذا تخيلت السماء تغير لونه صلى الله عليه وسلم،
وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت سري عنه، فعرفت ذلك فسألته،
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
فقال صلى الله عليه وسلم: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: فَلَمَّا
رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ
رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأحقاف] }.