عمل الخير
عمل الخير ليس لحظة يعيشها الإنسان ويكتفي بها وأنما هي كل لحظات حياته بعمل الخير
.
وعمل الخير، سواء كان هذا الخير مالاً كالصدقة والإطعام وسقاية الماء وسداد الديون، أو سائر المصالح التي يحتاجها الناس، كحسن المعاملة وعيادة المرضى، ومن النصوص التي أشارت إلى تنوع هذه العبادة.
قوله فيما رواه أبو ذر قال
"قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب الأغنياء بالأجر يصلون ويصومون ويحجون! قال ((وأنتم تصلون وتصومون وتحجون)) قلت: يتصدقون ولا نتصدق؟ قال (وأنت فيك صدقة، رفعك العظم عن الطريق صدقة، وهدايتك الطريق صدقة، وعونك الضعيف بفضل قوتك صدقة، وبيانك عن الأرثم(الذي لا يبين الكلام) صدقة، ومباضعتك امرأتك صدقة) قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نأتي شهوتنا ونؤجر؟ قال ( أرأيت لو جعلته في حرام أكان تأثم) قال: قلت: نعم قال ) فتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير(
" وعن أبي هريرة عن النبي قال "
(كل سلامى عليه صدقة كل يوم يعين الرجل في دابته يحامله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة وكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة ودل الطريق صدقة)
كثير من الناس يطلق معنى العبادة على مايتعلق بحقوق الله فحسب، ويغفل عن باب آخر عظيم، وهو حسن المعاملة مع العباد والإحسان إليهم.
" أدلة عمل الخيرمن القرآن الكريم "
" وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " سورة الحج:77"
لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " سورة.النساء
114وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " سورة البقرة:195"
والمسلمون يد بيد في عمل الخير
" أدلة عمل الخيروتعدد صوره من السنة النبوية "
عن ابن عمر أن رجلا جاء إلى النبي فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إلى الله ونصف الأعمال أحب إلى الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً( في مسجد المدينة) ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رخاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام)
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه)
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة)
عن سعد بن عبادة أن أمه ماتت فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: (سقي الماء، فتلك سقاية سعد بالمدينة)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها: قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)
عن أبي موسى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء(
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تفرغ من دلوك في إناء أخيك)
أعزائي أياكم وترك عمل الخير
) فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون) سورة.الماعون (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين ) س. المدثر
عن أبي هريرة عن النبي قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم )) فذكر منهم ((ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك)
عن ابن عمر عن النبي قال (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)
" الأنبياء وعمل الخير "
الأنبياء هم أسرع الناس إلى طاعة الله، فهم الذين قضوا حياتهم في دعوة الناس وهدايتهم إلى خيرهم، إذ حياتهم كلها بذل وتضحية ومعروف وعمل الخير.
"فهذا إبراهيم الخليل "
بلغ هذه المنزلة بصناعته للمعروف، فقد روى البيهقي في الشعب بسنده إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي قال النبي صلى الله عليه وسلم) ايا جبريل لِم اتخذ الله إبراهيم خليلاً؟ قال لإطعامه الطعام يا محمد)
" وهذا موسى عليه السلام "
(ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير).
وقال الله على لسان عيسى(وجعلني مباركاً أينما كنت) سورة مريم.
وكذا كان نبينا قيل لعائشة هل كان النبي يصلي وهو قاعد؟ قالت: (نعم بعد ما حطمه الناس) أي بكثرة حوائجهم.
" ومن صور عمل الخير "
ما جاء عن عبد الله بن جعفر قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي فمسح ذفراه فسكت فقال: (من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه).
ومنه أيضاً شفاعته لمغيث عند زوجته السابقة بريرة، كما روي عن ابن عباس وفيه أن زوج بريرة كان عبداً يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: ( يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو راجعتِه قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع. قالت: لا حاجة لي فيه).
" وقد صدق الشاعر حين قال عنه "
تراه إذا ما جئته متهللاً كأنما تعطيه الذي أنت سائله
لو لم يكن في كفه إلا روحه لجاد بها فليتق الله سائله
" صناعة عمل الخيرعندالخلفاء "
" ومنه صنيع أبي بكر الصديق حين ولي الخلافة "
فكان في كل يوم يأتي بيتاً في عوالي المدينة تسكنه عجوز عمياء، فينضج لها طعامها، ويكنس لها بيتها، وهي لا تعلم من هو، فكان يستبق وعمر بن الـخطاب إلى خدمتها.
" ولما ولي عمر الخلافة خرج يتحسس أخبار المسلمين "
فوجد أرملة وأيتاماً عندها يبكون، يتضاغون من الجوع، فلم يلبث أن غدا إلى بيت مال المسلمين، فحمل وقر طعام على ظهره وانطلق فأنضج لهم طعامهم، فما زال بهم حتى أكلوا وضحكوا.
" ومن صناعة الخير ماذكر عن علي زين العابدين "
فقد كان أناس من أهل المدينة، لايدرون من أين معايشهم، فلما مات فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل.
ولما غسلوه رحمه الله وجدوا بظهره أثراً مما كان ينقله بالليل إلى بيوت الأرامل.
" وهذا عبد الله بن المبارك "
كان ينفق من ماله على الفقهاء، وكان من أراد الحج من أهل مرو إنما يحج من نفقة ابن المبارك، كما كان يؤدي عن المديون دينه ويشترط على الدائن أن لا يخبر مدينه باسمه.
" ثمرات عمل الخير"
"صرف البلاء وسوء القضاء في الدنيا "
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة)
ولما عرض جبريل للنبي في غار حراء رجع رسول الله يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: (( زملوني زملوني )) فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة: (كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب).
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج ، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني ، فنزل البئر فملأ خفه ماء، فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم لأجراً ؟ فقال: في كل ذات كبد رطبة أجر).
عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق، فأخذه، فشكر الله له فغفر له).
" آداب صناعة الخير"
ولصناعة الخير آداب، يتعلق بعضها بالصانع ، وبعضها بالمصنوع له
" ومن الآداب المتعلقة بمن صنع له الخير "
شكر الله عز وجل أولاً، إذ هو المنعم الحقيقي، فهو أولى بالحمد من كل أحد، قال الله تعالى يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون) سورة النحل:83"
شكر صاحب الخيرفعن أبي هريرة قال قال رسول الله
" من لا يشكر الناس لا يشكر الله "
عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن استجار بالله فأجيروه ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه ، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه).
وعن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء).
أن يقبل المعروف الذي أسدي إليه، فعن خالد بن عدي الجهني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده ، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه)
" ومن الآداب المتعلقة بصانع الخير "
إخلاصه وإسراره بالعمل وعدم انتظار العوض من الناس ، قال تعالى :
(إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) سورة الإنسان 9
وهذا عدي بن حاتم لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المعروف والخير الذي كان يصنعه أبوه في الجاهلية ابتغاء المدح والذكر الحسن، فقال ( إن أباك أراد شيئاً فأدركه ) أي الأجر من الناس بالثناء.
" ومن الإخلاص الإسراربالخير "
" قال تعالى "( إن تبدو الصدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) سورة البقرة:271
" قال تعالى "إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء
وقال في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه(.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال رجل لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله).
ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي(.
المسارعة بالخير والمسابقة إليه( فاستبقوا الخيرات) سورة البقرة:148
أن يستصغر معروفه ولا يمن به( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى)سورة البقرة:264
ما أجمل من عمل الخير( فاستبقوا الخيرات )فأنها منزلتكم بالدنياوالأخرة.
كتب الله الاجر وجعله خالص لوجهه الكريم
لايتخلله رياء ولا سمعه
بل صافيا من كل الشوائب..