الملاحظات

الإهداءات


تنــــــــاقص الأرض

【 الـــمـــنــتــدى العـــــــــــام 】


 
قديم 03-16-2010, 12:37 AM   #1
مطلع الشمس .


الصورة الرمزية رجل وادي القمر
رجل وادي القمر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1935
 تاريخ التسجيل :  Oct 2009
 أخر زيارة : 03-22-2021 (08:07 PM)
 المشاركات : 1,187 [ + ]
 التقييم :  202
 اوسمتي
وسام التقدير والتكريم  أوفياء المنتدى  ضيف كرسي الاعتراف 
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تنــــــــاقص الأرض



تنــــــــاقص الأرض

( ألم ترَ أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها )

تناقص في كل شيء ، وتقارب للزمن ، إعمار هنا ودمار هناك ، سنة الله في خلقه ، لم يكونوا ليعيشوا أبداً ، ولم يخلقوا سدى ، ولا تزال الأرض في تناقص منتظم حتى تحين ساعتها .

إذا حضرت الإنسان الوفاة وحان أجله ، تبدأ روحه تفيض من جسده تدريجياً ، تسيل سيلاً مبتدئة من أخمص قدميه ، وهي تشق طريقها إلى أن تفيض بإذن الله ، برودة الموت تسعى وتسري في الجسد وسكرته تذهب بالعقل من شدة الألم ، روح تنزعها ملائكة ، وملائكة أخرى تنشط روحاً ، وليس كلا الروحين سواء وليس النزع كالنشط . وفي كلا الحالتين سكرات الموت شديدة وكربتها لم ينجو منها محمد – صلى الله الله عليه وسلم – عندما وصل الموت إلى ركبتيه فقال : واكربتاه ، لما يجد عليه الصلاة والسلام من ألم الموت ، ويغمى عليه بأبي هو وأمي .

سمات الموت واحدة في كل شيء في البشر والحيوان ، وفي الأرض ، وشخصية ملك الموت القوية العنيفة لا تدع مجالاً للمراء ، ولا متسعاً للأمل ، مهما بكى باكٍ وناحت نائحة ، وإن كان شيخ أو جارية ، أو طفل صغير ، أو حتى جنين .
دار كانت عامرة بأهلها يسعدون ويفرحون ، فاجتاحهم ملك الموت بأمر ربه ، حتى لم يبق سوى عجوز طاعنة في السن ، تبكي وتنتحب على أهلها الذين أصبحوا عدماً ، فأتاها ملك الموت ووضع يديه على باب الدار وسده وسأل العجوز لماذا تبكي فأعلمته ، فهل تتوقع أنها تلطف لها أو اعتذر منها أو أجابها إجابة لينة .. لا..
ولكنه قال : والله لا أزال أطرق باب هذه الدار حتى لا يعد فيها أحد ( المفهوم من القصة ) .

تأمل الأرض من حولكَ ، ولو استطعت أن تقف على مكان عال لتشاهد أفقاً واسعاً من الأرض ثم أبحر بتأملك في أرجائها الفسيحة ، ثم انظر إلى الدور الخربة ، المتهادية ، وتلك التي بقيت أبوابها مفتوحة لا دخول إليها ولا خروج منها ، خاوية على عروشها ، هادئة هدوء الترقب والخوف وسكون الرعب والإيحاء بما هو قادم ، ثم تأمل من كان يسكنها من بشر ، ثم حاول أن تتعمق في دواخلهم ، ونفوسهم .
وكيف كان كل منهم ذو أمل عريض ، ذهبت أرواحهم وبليت أجسادهم وفنيت معها كل آمالهم .
خلت الديار وانقطعت الأخبار ولا داع ولا مجيب .

تلك الديار قد خلت من ساكنيها إما بملك الموت يقبض أرواحهم ، أو أنهم خرجوا منها لأي سبب واتجهوا إلى أماكن أخرى ، وتركوا الأرض من خلفهم قفراً ، تسكنها الوحوش والهوام ، وتنوح فيها الحمام ، وتنعق الغربان ، وتسكنها البوم .
وماتت الأرض من بعدهم ، وأصبحت هناك مساحة من الأرض قد ماتت ونقصت من أطرافها .

وهكذا تظل الأرض تتناقص حتى تنتهي إلى الأبد .

( بقلمي )


 

رد مع اقتباس
 

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
SEO by vBSEO sh22r.com