للحكايا بدايات و للقصص نهايات .. لا تملها نفوس البرايا ..
نفوسٌ تتقبل .. و نفوس تتشوق .. و أخرى تتعمق ..
تـخرجنا من دوامة لكي تدخلنا في دوامة أكبر .. و أطول و أخنق للأنفاس ..
و نظل نتدحرج في دواماتٍ من الرعب و الخوف و التشويق و الفضول ..
نحب أن نتعرف و نتعلم و نعرف كل جديد .. و لكن قلوبنا ليست كـ الحديد ..
و لا أرواحنا كـ الفولاذ .. فـ بنا مُضغة رقيقة جميلة .. أهلكناها و اشغلناها ..
(!)
اشغلتنا صحتنا .. فـ بتنا نجري خلف كل دواء .. لـ نعالج أتفه داء ..
و ننتابع كل تحذير يقوله الأطباء .. و نقع في اخطاء و اخطاء ..
(!)
اشغلتنا أموالنا فـ بتنا نبحث عن كل مصدر للمال و نجمع كل درهم و دينار ..
و ندعو بـ وفرتها بـ الليل و النهار .. و ننجزع أن ننفق لو ربع المقدار ..
(!)
اشغلتنا الأخبار .. و عطلتنا وكالات الأنباء و قراءة صحف المساء ..
فـ لا وقت لديهم للإيجاز .. بل يريدون و يتعمدون أن نقع في قفص الاحتجاز ..
(!)
اشغلتنا حياة الآخرين .. و تتبع نظرات العابثين و كلمات المفسدين ..
و تصريحات المصرحين و المعلقين و كل قلم ناعق و حرف نابح ..
(!)
اشغلتنا السخرية و الاستهزاء .. و الحط من قدر هؤلاء و هؤلاء ..
من أديانهم و معتقداتهم الفاسدة .. و الاستخفاف بـ دعاويهم الباطلة ..
(!)
اشغلتنا أنفسنا بـ آراء القوم .. فـ هذا أباح و ذاك استباح ...
و ذاك من أهلها وذاك من فوقها .. وذاك باعها و ذاك اشتراها ..
(!)
اشغلتنا أحدث و أجمل الموضات .. و آخر ما نزل وظهر من صرعات ..
و شراء أكبر عدد من الكريمات .. و البحث عن أهم سر من أسرار الخلطات ..
(!)
اشغلتنا الأسواق و ما فيها من زحمة و ضيق و اختناقات و إغراءات ..
من السلع و المنكرات و تتبع العورات .. و كل ما تقعُ عليه عيناك هناك ..
(!)
اشغلتنا أنفسنا بـ أنانيتها و غرورها .. و كثرة أمانيها و سفورها ..
و ركضها بلا استوقاف .. و لا ألتفات و لا راحة و لا استعفاف ..
(!)
اشغلتنا حياة ليست بـ أهلٍ أن تشغلنا .. و لا بـ أهلٍ أن ترهقنا ..
باتت أرواحنا متعبة كسيرة .. متوترة حسيرة .. إثر حسيرة ..
(!) (!) (!)
نجري و نجري و نجري .. أُتعبنا و أرهقنا و لم نلتقط أنفاسنا ..
أهكذا كل حياتنا .. أهكذا كل اهتمامتنا .. أهكذا كل تطالعاتنا ..
أهكذا أصبحت كل نظراتنا و أسماعنا و حواسنا و عقولنا ..
ليس المهم أن نمرض .. و ليس المهم أن نصتصح ..
ليس المهم أن نطمئن .. و ليس المهم أن نستقر ..
ليس المهم أن نحلق في فضاء واسع من السعادة ..
أو نقف على نبع من العطايا و المزايا ..
و لا أن نتسلى و نتمنى و لا ننتظر المنايا ..
الدنيا ليست بـ شيء .. حتى نجعلها كل شيء ..
الدنيا ملىء بـ المصائب .. و المتاعب ..
و من الغباء أن نعيشها كما هي ..
و أن ندفن أرواحنا بـ داخلها ..
و نحن أحياء ..

للروح حياة حية .. يجب أن نعيشها .. لكي نعيش بـ أمانٍ و سكينة ..
للروح حياة خلقت لها .. و من أجلها لـ تنعم و تهدأ و تستقر و تطمئن ..
للروح حياة .. نحياها أن أحيياناها .. و نموت أن تركناها ..
[ العبادة ]
حياة الروح .. و راحة الروح .. و مسكن الروح ..
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:21].
من الجيد أن نعلم ما يدور حولنا .. و ندرك حجم الأخطار و المضار التي تحوطنا ..
من الجيد أن نقرأ و نحاور و نناقش .. و نستوعب الحياة بـ كافة أوضاعها ..
لكن لا نجعل ذلك ركيزة حياتنا و نصب أعيننا و كافة اهتمامتنا و جل تفكيرنا ..
فـ قيمة الإنسان بـ العبادة التي خلق من أجلها .. لا بـ التعمق في الثانويات ..
العبادة هي محور و أساس حياته الدنيوية و الأخروية و عليها تبنى سعادته ..
{وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [هود123]
لـ نتعمق في العبادات .. و نسعى لـ نتزود يومياً بـ علوم و أعمال تعبدية خالصة لله وحده..
نجتهد في صلاتنا و صيامنا و سائر أعمالنا .. و نسعى جاهدين بـ أن تكون تامة مقبولة ..
نسعى بـ أن تكون حياتنا فيها روح العبادة الحقة .. فـ هي سر السعادة و الرضى ..
هي من تخلصنا من كل الشوائب الدنيوية .. و تجعلنا أرواحاً تعيش الحياة بـ دون أثقال ..
إنما الدنيا بــــلاغ-ليــس في الدنيا ثبـوت
إنما الدنيـــــا كبيت-نسجته العنكــــــبوت
ليس للطالب فيها-كل يوم غـــــــير قوت
كل من كان عليـــــــها-عن قليل سيموت