04-25-2012, 03:52 PM | #31 | |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
أول ما يُحاسب عليه العبد من أعماله أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله تبارك وتعالى الصلاة ، فإن صلحت أفلح ونجح وإلا خاب وخسر ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضته شيئاً . قال الرب تبارك وتعالى : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بهاما انتقص من الفريضة ،ثم يكون سائر عمله على ذلك " شدة الحساب على العباد ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك" ، فقلت : يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ- فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) [الانشقاق : 7-8] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما ذلك العرض ، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا هلك " إيتاء العباد كتبهم وتطاير الصحف في ختام مشهد الحساب يعطى كل عبد كتابه المشتمل على سجل كامل لأعماله التي عملها في الحياة الدنيا وتختلف الطريقة التي يؤتى بها العباد كتبهم ، فأما المؤمن فإنه يؤتى كتابه بيمينه من أمامه ، فيحاسب حساباً يسيراً ، وينقلب إلى أهله في الجنة مسروراً ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ - فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا - وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ) [الانشقاق : 7-9] ، الميزان في ختام ذلك اليوم ينصب الميزان لوزن أعمال العباد ، يقول القرطبي : " وإذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال ، لأن الوزن للجزاء ، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة ، فإن المحاسبةلتقدير الأعمال ، والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها ". وقد دلت النصوص على أن الميزان ميزان حقيقي ، لا يقدر قدره إلا الله تعالى ، فعن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " يوضع الميزان يوم القيامة ، فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت . فتقول الملائكة : يا رب لمن يزن هذا ؟فيقول الله تعالى : لمن شئت من خلقي . فتقول الملائكة : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ". وهو ميزان دقيق لا يزيد ولا ينقص ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَابِهَاوَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) [ الأنبياء : 47 ] . |
|
|
04-25-2012, 03:52 PM | #32 |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
ما الذي يوزن في الميزان اختلف أهل العلم في الموزون في ذلك اليوم على أقوال : الأول : أن الذي يوزن في ذلك اليوم الأعمال نفسها ، وأنها تجسم فتوضع في الميزان، ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم " الثاني : أن الذي يوزن هو العامل نفسه ، فقد دلَّت النصوص على أن العباد يوزنون في يوم القيامة ، فيثقلون في الميزان أو يخفون بمقدار إيمانهم ، لا بضخامة أجسامهم ، وكثرة ما عليهم من لحم ودهن ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ، وقال : اقرؤوا : ( فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا )[ الكهف : 105 ] " الثالث : أن الذي يوزن إنما هو صحائف الأعمال . فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر له تسعة وتسعين سجلاً ، كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من هذا شيئاًَ ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : ألك عذر ؟ فيقول : لا يا رب . فيقول الله تعالى : بلى ، إن لك عندنا حسنة ، فإنه لا ظلم اليوم ، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فيقول : احضر وزنك فيقول : يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقول : فإنك لا تظلم ، فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة ، ولا يثقل مع اسم الله شيء ". ولعل الحق أن الذي يوزن هو العامل وعمله وصحف أعماله ، فقد دلت النصوص التي سقناها على أن كل واحد من هذه الثلاثة يوزن ، ولم تنفِ النصوص المثبتة لوزن الواحد منها أن غيره لا يوزن ، فيكون مقتضى الجمع بين النصوص إثبات الوزن للثلاثة المذكورة جميعها . الحوض يُكرم الله عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم في الموقف العظيم بإعطائه حوضاً واسع الأرجاء ، ماؤه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، يأتيه هذا الماء الطيب من نهر الكوثر ، الذي أعطاه لرسوله صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ترد عليه أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً . وقد اختلف أهل العلم في موضعه فذهب الغزالي والقرطبي إلى أنه يكون قبل المرور على الصراط في عرصات القيامة ، واستدلوا على ذلك بأنه يؤخذ بعض وارديه إلى النار فلو كان بعد الصراط لما استطاعوا الوصول إليه.واستظهر ابن حجر أن مذهب البخاري أن الحوض يكون بعد الصراط ، لأن البخاري أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة ،وأحاديث نصب الصراط "وما ذهب إليه القرطبي أرجح ، أي أنه قبل المرور على الصراط. الأحاديث الواردة فيه عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حوضي مسيرة شهر ، وزواياه سواء. ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من يشرب منها فلا يظمأ أبداً". متفق عليه. وعن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن حوضي أبعد من أيلة من عدن لهو أشدُّ بياضاً من الثلج ، وأحلى من العسل باللبن ، ولآنيته أكثر من عدد النجوم ،وإني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه" قالوا : يا رسول الله ! أتعرفنا يومئذ ؟ قال :" نعم لكم سيماء ليست لأحد من الأمم ، تردون علي غُراً مُحجلين من أثر الضوء". رواه مسلم وإذا اطلع المؤمن على ما تحويه صحيفته من التوحيد وصالح الأعمال سر واستبشر ، وأعلن هذا السرور ، ورفع به صوته ، ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ - إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ - فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ – في جنَّةٍ عَالِيَةٍ - قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ - كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) [الحاقة : 19-24] . وأما الكافر والمنافق وأهل الضلال فإنهم يؤتون كتبهم بشمالهم من وراء ظهورهم ، وعند ذلك يدعو الكافر بالويل والثبور ، وعظائم الأمور ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ - فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا - وَيَصْلَى سَعِيرًا ) [الانشقاق : 10-12] . ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ - وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ - يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ - مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ - هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ - خُذُوهُ فَغُلُّوهُ - ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ) [الحاقة : 25-31] . اقتصاص المظالم بين الخلق يقتص الحكم العدل في يوم القيامة للمظلوم من ظالمه ، حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة ، حتى الحيوان يقتص لبعضه من بعض ، فإذا انططحت شاتان إحداهما جلحاء لا قرون لها ، والأخرى ذات قرون ، فإنه يقتص لتلك من هذه ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة ، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" والذي يعتدي على غيره بالضرب ، يقتص منه بالضرب في يوم القيامة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ضرب بسوط ظلماً ، اقتص منه يوم القيامة " والذي يقذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد في يوم القيامة ، إن كان كذاباً فيما رماه به ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : " من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة ، إلا أن يكون كما قال " كيف يكون الاقتصاص في يوم القيامة إذا كان يوم القيامة كانت ثروة الإنسان ورأس ماله حسناته ، فإذا كانت عليه مظالم للعباد فإنهم يأخذون من حسناته بقدر ما ظلمهم ، فإن لم يكن له حسنات أو فنيت حسناته ، فإنه يؤخذ من سيئاتهم فيطرح فوق ظهره .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " وهذا الذي يأخذ الناس حسناته ، ثم يقذفون فوق ظهره بسيئاتهم هو المُفْلِس ، كما سماه الرسول من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء ، فليتحلل منه اليوم ، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، صلى الله عليه وسلم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدرون من المفلس ؟ " قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : " إن المفلس من أمتي ، من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإذا فنيت حسناته ، قبل أن يقضي ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار " وإذا كانت بين العباد مظالم متبادلة اقتص لبعضهم من بعض ، فإن تساوى ظلم كل واحد منهما للآخر
كان كفافاً لا له ولا عليه ، وإن بقي لبعضهم حقوق عند الآخرين أخذها |
|
04-25-2012, 03:53 PM | #33 |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
في ختام هذا اليوم يحشر العباد إما إلى الجنة وإما إلى النار ، وهما المقرّ الأخير الذي يصير إليه العباد جميعاً، وقد أخبرناالرسول صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من كل أمة في آخر ذلك اليوم أن تتبع الإله الذي كانت تعبده ، فالذي كان يعبد الشمس يتبع الشمس، والذي كان يعبد القمر يتبع القمر ، والذي كان يعبد الأصنام تصور لهم آلهتهم ثم تسير أمامهم ويتبعونها ،والذين كانوا يعبدون فرعون يتبعونه ، ثم إن هذه الآلهة الباطلة تتساقط في النار ، ويتساقط عبادها وراءها في السعير ، كما قال تعالى في فرعون : ( يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) [ هود : 98 ] . ولا يبقى بعد ذلك إلا المؤمنون وبقايا أهل الكتاب ، وفي المؤمنين المنافقون الذين كانوا معهم فيالدنيا ، فيأتيهم ربهم ، فيقول لهم : ما تنتظرون ؟ فيقولون : ننتظر ربنا ، فيعرفونه بساقه عندما يكشفها لهم ، وعند ذلك يخرون له سجوداً ، إلا المنافقون فلا يستطيعون ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ )[القلم : 42] ، ثم يتبع المؤمنون ربهم ، وينصب الصراط ويعطى المؤمنون أنوارهم ، ويسيرون على الصراط ،ويطفأ نور المنافقين ، ويقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، ثم يضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة ، وظاهره من قبله العذاب ،ويمر العباد على الصراط مسرعين بقدر إيمانهم وأعمالهم الصالحة . حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا المشهد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن :لتتبع كل أمة ما كانت تعبد ، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار ، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر ، وغبَّر (بقايا) أهل الكتاب . فيدعى اليهود ، فيقال لهم :ما كنتم تعبدون ؟قالوا : كنا نعبد عزيز ابن الله . فيقال : كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد . فماذا تبغون ؟ قالواعطشنا يا ربنا ، فاسقنا . فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً ، فيتساقطون في النار . ثم يدعى النصارى ، فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال لهم : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فيقال لهم : ما تبغون ؟ فيقولون : عطشنا ، يا ربنا فاسقنا قال : فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى جهنم كأنهم سراب ، يحطم بعضها بعضاً ، فيتساقطون في النار. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر ، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها ، قال : فماذا تنتظرون ؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد . قالوا : يا ربنا ، فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ، ولم نصاحبهم ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، لا نشرك بالله شيئاً ( مرتين أو ثلاثاً ) حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب . فيقول : هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها ؟ فيقولون : نعم ، فيكشف عن ساق ، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ، ولا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه ،ثم يرفعون رؤوسهم ، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فقال : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا . ثم يضرب الجسر على جهنم ، وتحل الشفاعة ، ويقولون : اللهم سَلِّم سَلِّم .قيل : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : دحض مزلة ، فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها : السعدان ،فيمر المؤمنون كطرف العين ، وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب ، فناج مسلم ،ومخدوش مرسل ، ومكدوس في نار جهنم " حشر الكفار إلى النَّار جاءت نصوص كثيرة تصور لنا كيف يكون حشر الكفار إلى النار هم وآلهتهم التي كانوا يعبدونها.فمن ذلك أنهم يحشرون كقطعان الماشية جماعات جماعات ، ينهرون نهراً غليظاً ، ويصاح بهم من هنا وهناك ،كما يفعل الراعي ببقره أو غنمه (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ) [الطور : 13] وأفادت النصوص أنهم يحشرون إلى النار على وجوههم ، لا كما كانوا يمشون في الدنيا على أرجلهم ، قال تعالى : ( الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) [ الفرقان : 34 ] وقبل أن يصلوا إلى النار تصك مسامعهم أصواتها التي تملأ قلوبهم رعباً وهلعاً ( إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ) [الفرقان : 12] . وعندما يبلغون النار ويعاينون أهوالها يندمون ويتمنون العودة إلى الدنيا كي يؤمنوا ( وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [ الأنعام : 27 ]. الصراط قال السفاريني : " الصراط في اللغة الطريق الواضح. وفي الشرع جسر ممدود على متن جهنم ، يرده الأولون والآخرون ، فهو قنطرة بين الجنة والنار". وقد بين شارح الطحاوية معقتده في الصراط المذكور في الأحاديث فقال : " ونؤمن بالصراط ، وهو جسر على جهنم ، إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط" وأنكر العلامة القرافي كون الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف ، وسبقه إلى ذلك شيخه العز بن عبد السلام ، والحق أن الصراط وردت به الأخبار الصحيحة وهو محمول على ظاهره بغير تأويل كما ثبت في الصحيحين والمسانيد والسنن الصحاح مما لا يحصى إلا بكلفة من أنه جسر مضروب على متن جهنم يمر عليه جميع الخلائق ، وهم في جوازه متفاوتون. الذين يمرُّون على الصّراط والظاهر من جملة الأحاديث أن الذين يمرون على الصراط هم المؤمنون، وفيهم المنافقون ، وعصاة المؤمنين، لأن "الناس منقسمون إلى مؤمن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً، ومشرك يعبد مع الله غيره، فأما المشركون، فإنهم لا يمرون على الصراط ، وإنما يقعون في النار قبل وضع الصراط " كما قال ابن رجب الحنبلي في كتابه ((التخويف من النار)). مرور المؤمنين على الصّراط وخلاص المؤمنين من المنافقين عندما يُذهَب بالكفرة الملحدين ، والمشركين الضالين إلى دار البوار : جهنم يصلونها، وبئس القرار ، يبقى في عرصات القيامة أتباع الرسل الموحدون ، وفيهم أهل الذنوب والمعاصي ، وفيهم أهل النفاق ، وتلقى عليهم الظلمة قبل الجسر.يقول شارح الطحاوية: " وفي هذا الموضع يفترق المنافقون عن المؤمنين ، ويتخلفون عنهم ،ويسبقهم المؤمنون ، ويحال بينهم بسور يمنعهم من الوصول إليهم ". الظلمة التي قبل الصراط تُلقى الظلمة يوم القيامة على الناس قبل مرورهم على الصراط وهنا يُعطى كل إنسان نوره على قدر إيمانه وطاعاته.قال صلى الله عليه وسلم: " فمنهم مَنْ يُعطَى نوره مِثل الجبل بين يديه، ومنهم من يُعطَى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يُعطَى دون ذلك بيمينه ، حتى يكونَ آخر مَنْ يُعْطَى نُوره في إبهام قدمه يُضِيء مَرة ويُطفَأ أخرى، إذا أضاء قدَّم قدمه ، وإذا أطفأ قام" وقد حدثنا تبارك وتعالى عن مشهد مرور المؤمنين على الصراط ، فقال : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِالْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) [الحديد : 12-15] . فالحق يخبر أن المؤمنين والمؤمنات الذين استناروا بهذا الدين العظيم في الدنيا ، وعاشوا في ضوئه ، يعطون في يوم القيامة نوراً يكشف لهم الطريق الموصلة إلى جنات النعيم ، ويجنبهم العثرات والمزالق في طريق دحض مزلة، وهناك يبشرون بجنات النعيم ، ويحرم المنافقون الذين كانوا يزعمون في الدنيا أنهم مع المؤمنين ، وأنهم منهم، لكنهم في الحقيقة مفارقون لهم لا يهتدون بهداهم ، ولا يسلكون سبيلهم من النور ، كما حرموا أنفسهم في الدنيا من نور القرآن العظيم ، فيطلب المنافقون من أهل الإيمان أن ينتظروهم ليستضيئوا بنورهم ، وهناك يخدعون ، كما كانوا يخدعون المؤمنين في الدنيا ، ويُقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، وبذلك يعود المنافقون إلى الوراء ، ويتقدم المؤمنون إلى الأمام ، فإذا تمايز الفريقان ، ضرب الله بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ، ويكون مصير المؤمنين والمؤمنات الجنة ، ومصير المنافقين والمنافقات النار. معنى ورُود النّار قوله تعالى : ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا ) [مريم : 71] " واختلف المفسرون في المراد بالورود في قوله تعالى : ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) [مريم : 71] ما هو ؟ والأظهر والأقوى أنه المرور على الصراط قال تعالى : ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) [مريم : 72] . وفي (( الصحيح )) أنه صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده ، لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة " ، قالت حفصة : فقلت : يا رسول الله ، أليس الله يقول : ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) [مريم : 71] . فقال : " ألم تسمعيه قال : ( ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) [مريم : 72] . وأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها ، وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله ، بل تستلزم انعقاد سببه ، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ، ولم يتمكنوا منه يقال : نجاه الله منهم . والحق أن الورود على النار ورودان : ورود الكفار أهل النار ، فهذا ورود دخول لا شك في ذلك كما قال تعالى في شأن فرعون يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ) [ هود : 98 ] ، أي بئس المدخل المدخول . والورود الثاني : ورود الموحدين ، أي مرورهم على الصراط على النحو المذكور في الأحاديث الحشر إلى دار القرار : الجنَّة أو النار
|
|
04-25-2012, 03:54 PM | #34 |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
الشفاعة العظمى ، وهي المقام المحمود ، الذي يرغب الأولون والآخرون فيه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليشفع إلى ربه كي يخلص العباد من أهوال المحشر . الشفاعة في أهل الذنوب من الموحدين الذين دخلوا النار. شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة ، وفي آخرين قد أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها .شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم .الشفاعة في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب ، ويمكن أن يستشهد لهذا بحديث عكاشة بن محصن حيث دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعله من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، والحديث في الصحيحين .شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في تخفيف عذاب عمه أبي طالب ، حيث يخرجه الله به إلى ضحضاح من نار يغطي قدميه يغلي لهما دماغه . شفاعته في الإذن للمؤمنين بدخول الجنة والشفاعة في أهل الذنوب ليست خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد يشفع النبيون والشهداء والعلماء ، وقد يشفع للمرء أعماله ،ولكن رسولنا صلى الله عليه وسلم له النصيب الأوفر منها وقد يشفع غيره أيضاً في رفع درجات المؤمنين ، وبيقة الأنواع خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم صفة النار وأهوالها وأنكالها عمق جهنم وشدة حرها: عن عُتبة بن غزوان عن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "إن الصَخرة العظيمة لَتُلقَى من شَفير جهنم فتهوي فيها سبعين خريفًا وما تُفضي إلى قرارها" رواه أحمد وصححه الألباني.وعن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ قال: كنا عند رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم فسمعنا وَجْبَة (يعني سقطة) فقال النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم:"أتدرون ما هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "هذا حجر رُمِي به في النار منذ سبعين خريفَا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها". رواه مسلم.ولجهنم سبعة أبواب؛ قال الله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: 44].وقيل المراد بالأبواب الأطباق؛ طبق فوق طبق.وعن عبد الله بن مسعود رَضِي الله عنْهُ في قوله تعالى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24]، قال: هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السماوات والأرض في السماء الدنيا يعدها للكافرين.وعن ابن مسعود في قوله تعالى{إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32]، قال: أما إني لست أقول كالشجرة ولكن كالحصون والمدائن.عن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ قال: قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "ناركم هذه التي يُوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءًا من حر جهنم" قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله. قال: "فإنها فُضِّلت عليها بتسعة وتسعين جزءًا. كلها مثل حرها". رواه البخاري ومسلم.وفي الصحيحين أن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول: قَط، قَط، وعِزتك (يعني كفى). ويُزوى بعضها إلى بعض". طعام أهل النار: قال الله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} [الغاشية: 6- 7]، والضريع: نوع من الشوك لا تأكله إلا الدواب لخباثته.وقال تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: 12- 13]. قال ابن عباس: الغصة شوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج.وقد وصف الله عز وجل شجرة الزقوم فقال: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ} [الصافات: 64- 68]والشوب هو: الخلط والمزج أي يخلط الزقوم المتناهي في القذارة والمرارة والحميم المتناهي في اللهب والحرارة.عن ابن عباس رَضِي الله عنْهُما أن رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قرأ هذه الآية:{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: 102] فقال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "لو أن قطرة من الزقوم قُطِرت في دار الدنيا؛ لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه؟!"رواه الترمذي وصححه الترمذي.وقال تعالى{فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36- 37] قال ابن عباس رَضِي الله عنْهُما: الغسلين: الدم والماء والصديد الذي يسيل من لحومهم. شراب أهل النار: قال الله تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 16- 17]،أي: يستقي من ماء صديد شديد النتانة والكثافة فيتكرهه ولا يكاد يبتلعه من شدة نتانته وكثافته.قال تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15]والحميم هو الماء الحار المغلي بنار جهنم يُذاب بهذا الحميم ما في بطونهم وتسيل به أمعاؤهم، وتتناثر جلودهم كما قال تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج: 20]. ملابس أهل النار: قال الله عز وجل: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: 49- 50]، أي قمصانهم من قطران تُطلى به جلودهم حتى يعود ذلك الطلاء كالسرابيل، وخص القطران لسرعة اشتعال النار فيه مع نتن رائحته ووحشة لونه.وقال تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحج: 19]؛ أي قُدرت لهم على قدر جثثهم؛ لأن الثياب تُقطع على مقدار بدن من يلبسها.وعن سمُرة بن جندب رَضِي الله عنْهُ أن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته" رواه مسلم. أسرة أهل النار: قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41]، أي فرش من النار ويلتحفون بألحفة من النار عياذًا بالله من حالهم. وقال تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16]،أي أطباق وفراش ومهاد وسرادقات، وإطلاق الظلل عليها تهكمًا. عظم أهل النار وبشاعة منظرهم: عن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ عن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال" مابين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المُسرِع"رواه البخاري والمنكب هو الكتف.وعنه رَضِي الله عنْهُ قال: قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "ضِرس الكافر أو ناب الكافر مثل اُحُد، وغِلَظ جلده مسيرة ثلاث". بعض من عذاب أهل النار: عن النعمان بن بشير رَضِي الله عنْهُ عن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجلٌ على أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجلُ والقمقم" رواه البخاري.وعن الحسن البصري في قوله تعالى:{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56]قال: تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة، كلما أكلتهم قيل لهم: عودوا، فيعودوا كما كانوا.وعن أنس بن مالك رَضِي الله عنْهُ قال:قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "يُؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامةفيُصبغ في النار صبغة. ثم يُقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا. والله يا رب!.ويُؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة فيُصبَغ صبغة في الجنة فيُقال له: يا ابن آدم! هل رأيت بؤسًا قط؟هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا. والله يا رب! ما مر بي بؤسٌ قط، ولا رأيت شدة قط". رواه مسلم. |
|
04-25-2012, 03:55 PM | #35 | |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
ومن عذاب أهل النار المعنوي أن الملائكة تبكتهم قبل أن يدخلوا منازلهم في النار. كما قال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} [الملك: 8- 9] ومنه أنه يلعن بعضهم بعضًا ويسب بعضهم بعضًا؛ قال تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: 38]. ويتبرأ الكبراء من المستضعفين ويقول المستضعفون: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167]. ومن عذابهم المعنوي أنهم يرون الذين كانوا يسخرون منهم ويستهزئون بهم من أهل الإيمان قد فازوا بالرضى والرضوان،ونجوا من غضب الملك الديان كما قال تعالى: {وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62)أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} [ص: 62- 63] |
|
|
04-25-2012, 03:56 PM | #36 | |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
صفة الجنة وأصناف نعيمها في الجنة فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال: عن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ قال: قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]. رواه البخاري ومسلم. وثبت عن ابن عباس أنه قال: ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء، فليس العسل كالعسل، وليس الخمر كالخمر،وليس العنب كالعنب.عن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ قال: قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "ولَقَاب قوس أحدكم في الجنة خيرٌمما طلعت عليه الشمس أو تغرب" رواه البخاري. أبواب الجنة: عن سهل بن سعد رَضِي الله عنْهُ عن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يُسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون" رواه البخاري. وعن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ قال: سمعت رَسول اللهِ يقول: "من أنفق زوجين من شيءٍ من الأشياء في سبيل الله، دُعي من أبواب –يعني الجنة- يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الصيام، وباب الريان" فقال أبو بكر رَضِي الله عنْهُ: ما على هذا الذي يُدعى من تلك الأبواب من ضرورة، وقال: هل يُدعى منها كلها أحدٌ يا رَسول اللهِ؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر" رضي الله عن أبي بكر. رواه البخاري ومسلم. درجات الجنة: في الصحيحين عن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم أنه قال: "الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض"، وهذا يدل على أنها غاية في العلو والارتفاع والله أعلم، وهناك لفظ للحديث: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله لمجاهدين في سبيله" وكان شيخ الإسلام يُرجح هذا اللفظ وهو لا ينفي أن يكون درج الجنة أكثر من ذلك، ويدل على صحة هذا أن منزلة نبينا محمد صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم فوق هذا كله؛ في درجة في الجنة ليس فوقها درجة، وتلك المائة ينالها آحاد أمته بالجهاد، كما قال صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة، فوقه عرش الرحمن، ومنه تَفَجَّر انهار الجنة" رواه البخاري. وعن أبي سعيدٍ الخدري رَضِي الله عنْهُ عن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "إن أهل الجنة يتراءون أهل الغُرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لِتَفاضُلِ ما بينهم". أبنية الجنة: قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} [الزمر: 20] فأخبر أنها غرف، وأنها مبنية بناء حقيقة لئلا تتوهم النفوس أن ذلك تمثيل وأنه ليس بناء.عن أبي موسى الأشعري رَضِي الله عنْهُ أن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلًا. للمؤمن فيها أهلون؛ يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضًا". رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ قال: أتى جبريل النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم فقال: يا رَسول اللهِ هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخبَ فيه ولا نصب" رواه البخاري ومسلم. والقصب ها هنا قصب اللؤلؤ المجوف. وعن أبي هُريرة رَضِي الله عنْهُ قال: بينما نحن عند رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم إذ قال: "بينما أنا نائم رأيتني في الجنة،فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت:لمن هذا القصر؟ فقالوا: لعُمر بن الخطاب، فذكرتُ غيرته، فوليت مُدبرًا" فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رَسول اللهِ. طعام أهل الجنة: قال الله تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة: 20- 21] أما فاكهة الجنة فقد قال تعالى في وصفها: {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25] قال الحسن: خيار كله لا رذل ألم تروا إلى ثمر الدنيا كيف تسترذلون بعضه، وقال تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 32- 33] أي لا تكون في وقت دون وقت ولا تمنع ممن أرادها، وقال تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان: 14] قال ابن عباس رَضِي الله عنْهُما:إذا همَّ أن يتناول ثمرها تدلت له حتى يتناول ما يريد. وعن جابر رَضِي الله عنْهُما قال: سمعت النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم يقول: "إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون،ولا يتفلون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون" وعن ثوبان مولى رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم حدثه قال: كنت قائمًا عند رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم فجاء حبر من أحبار اليهود فذكر أسئلة إلى أن قال: فمن أول الناس إجازة؟ -يعني على الصراط- قال: "فقراء المهاجرين".قال اليهودي: فما تُحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: "زيادة كبد النون". قال: فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال: "يُنحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها". قال: فما شرابهم عليه؟ قال: "من عين تُسمى سلسبيلًا" قال: صدقت.رواه مسلم. |
|
|
04-29-2012, 02:49 PM | #37 | ||
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
|
||
|
04-29-2012, 04:56 PM | #38 |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
جزاك المولَى على هذا الطرح خيرا واثابك ولاحرمك الاجرَ واسأل الله تعالى ان يجعله في موازين حسناتك دام لنا عطائك .. |
|
05-01-2012, 11:59 PM | #39 |
|
رد: بـــعـــد الـموت *** مشـاهـــد وأهوال*** سلسلة الدار الآخرة
.اردد دائما ان حضورك دائما مميز وكلمات ليست كالكلمات..
حضور يضيف الكثير من الضياء لمتصفحي... دمت بخير |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|